( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ )
وقف يستثير النخوة الآدمية فيهم ويستجيش وجدان التقوى لله . وإنه ليعلم أنهم لا يتقون الله ، ويعلم أن هذه النفوس المرتكسة المطموسة لم تعد فيها نخوة ولا شعور إنساني يستجاش . ولكنه في كربه وشدته يحاول ما يستطيع :
( قال : إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون ، واتقوا الله ولا تخزون ) .
يخبر تعالى عن مجيء قوم لوط لما علموا بأضيافه{[16203]} وصباحة وجوههم ، وأنهم جاءوا مستبشرين بهم فرحين ، { قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ }
وهذا إنما قاله لهم قبل أن يعلم بأنهم رسل الله كما قال في سياق{[16204]} سورة هود ، وأما هاهنا فتقدم ذِكرُ أنهم رسل الله ، وعطف بذكر مجيء قومه ومحاجته لهم . ولكن الواو لا تقتضي الترتيب ، ولا سيما إذا دل دليل{[16205]} على خلافه ،
قد ذكرهم بالوازع الديني وإن كانوا كفاراً استقصاء للدعوة التي جاء بها ، وبالوازع العرفي فقال : { واتقوا الله ولا تخزون } كما في قول عبد بني الحسحاس :
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
والخزي : الذلّ والإهانة . وتقدم في قوله تعالى : { إلا خزي في الحياة الدنيا } في أوائل سورة البقرة ( 85 ) . وتقدم في مثل هذه القصة في سورة هود .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"واتّقُوا اللّهَ" يقول: وخافوا الله فيّ وفي أنفسكم أن يحلّ بكم عقابه.
"وَلا تُخْزُونِ" يقول: ولا تذلوني ولا تهينوني فيهم بالتعرضّ لهم بالمكروه.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
ويشبه أن يكون قوله: {واتقوا الله ولا تخزون} أن يكون الإخزاء، هو الفضيحة. دليله ما ذكر {إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون} فيكون هذا تفسير ذلك. ويحتمل الهوان. وكذلك في قوله: {إن الخزي اليوم} (النحل: 27) أي الهوان اليوم.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
... "ولا تحزون "والخري: الانقماع بالعيب الذي يستحيا منه... والاخزاء والإذلال والإهانة نظائر. وللضيف ذمام كانت العرب تراعيه، وتحافظ عليه، وتعيب من عنده ضيف ولم يقم بحقه، فلذلك قال لهم: "إن هؤلاء ضيفي"...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{وَلاَ تُخْزُونِ} ولا تذلونِ بإذلال ضيفي، من الخزي وهو الهوان. أو ولا تشوّروا بي، من الخزاية وهي الحياء.
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{واتقوا الله} في مباشرتكم لما يسوؤني {وَلاَ تُخْزُونِ} أي لا تُذِلوني ولا تُهينوني بالتعرض لمن أجَرْتُهم بمثل تلك الفَعْلةِ الخبيثة، وحيث كان التعرضُ لهم بعد أن نهاهم عليه الصلاة والسلام عن ذلك بقوله: فلا تفضحونِ، أكثرَ تأثيراً في جانبه عليه الصلاة والسلام وأجلبَ للعار إليه، إذِ التعرّضُ للجار قبل شعورِ المُجير بذلك ربما يُتسامَح فيه، وأما بعد الشعورِ به والمناصبةِ لحمايته والذبِّ عنه فذاك أعظمُ العار، عبّر عليه الصلاة والسلام عما يعتريه من جهتهم بعد النهي المذكورِ بسبب لَجاجِهم ومُجاهرتِهم بمخالفته بالخِزي وأمرَهم بتقوى الله تعالى في ذلك، وإنما لم يصرَّحْ بالنهي عن نفس تلك الفاحشةِ لأنه كان يعرِف أنه لا يفيدهم ذلك، وقيل: المرادُ تقوى الله تعالى في ركوب الفاحشةِ، ولا يساعده توسيطُه بين النهيَيْن عن أمرين متعلقين بنفسه عليه الصلاة والسلام. وكذلك قوله تعالى: {قَالُواْ أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ العالمين}.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وقف يستثير النخوة الآدمية فيهم ويستجيش وجدان التقوى لله. وإنه ليعلم أنهم لا يتقون الله، ويعلم أن هذه النفوس المرتكسة المطموسة لم تعد فيها نخوة ولا شعور إنساني يستجاش. ولكنه في كربه وشدته يحاول ما يستطيع: (قال: إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون، واتقوا الله ولا تخزون).
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
قد ذكرهم بالوازع الديني وإن كانوا كفاراً استقصاء للدعوة التي جاء بها، وبالوازع العرفي فقال: {واتقوا الله ولا تخزون}...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.