إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخۡزُونِ} (69)

{ واتقوا الله } في مباشرتكم لما يسؤوني { وَلاَ تُخْزُونِ } أي لا تُذِلوني ولا تُهينوني بالتعرض ، لمن أجَرْتُهم ، بمثل تلك الفَعْلةِ الخبيثة ، وحيث كان التعرضُ لهم بعد أن نهاهم عليه الصلاة والسلام عن ذلك بقوله : فلا تفضحونِ ، أكثرَ تأثيراً في جانبه عليه الصلاة والسلام وأجلبَ للعار إليه ، إذِ التعرّضُ للجار قبل شعورِ المُجير بذلك ربما يُتسامَح فيه ، وأما بعد الشعورِ به والمناصبةِ لحمايته والذبِّ عنه فذاك أعظمُ العار ، عبّر عليه الصلاة والسلام عما يعتريه من جهتهم بعد النهي المذكورِ بسبب لَجاجِهم ومُجاهرتِهم بمخالفته بالخِزي وأمرَهم بتقوى الله تعالى في ذلك ، وإنما لم يصرَّحْ بالنهي عن نفس تلك الفاحشةِ لأنه كان يعرِف أنه لا يفيدهم ذلك ، وقيل : المرادُ تقوى الله تعالى في ركوب الفاحشةِ ، ولا يساعده توسيطُه بين النهيَيْن عن أمرين متعلقين بنفسه عليه الصلاة والسلام . وكذلك قوله تعالى : { قَالُواْ أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ العالمين } .