ثم انتقلت السورة بعد ذلك إلى بيان ما حل بقوم صالح - عليه السلام - فقال - تعالى - : { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حتى حِينٍ } .
أى : وتركنا - كذلك - فى قصة صالح - عليه السلام - مع قومه آية وعظة ، وقت أن قال لهم - على سبيل الإنذار والتحذير من المداومة على الكفر . . . تمتعوا بحياتكم التى تعيشونها فى هذه الدنيا ، حتى وقت معين فى علم الله - تعالى - تنتهى عنده أعماركم .
وهذا التمتع بالحياة حتى حين ، يحتمل أن المقصود به ، ما أشار إليه - سبحانه - فى سورة هود بقوله : { فَعَقَرُوهَا } - أى الناقة - { فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذلك وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ } ويحتمل أن يكون المقصود به : ما قدره الله - تعالى - من عمر منذ أن بلغهم صالح رسالة ربه إلى أن عقروا الناقة ، وحق عليهم العذاب .
قال القرطبى : قوله : { وَفِي ثَمُودَ } أى : وفيهم - أيضا - عبرة وعظة ، حين قيل لهم عيشوا متمتعين بالدنيا { حتى حِينٍ } أى : إلى وقت الهلاك وهو ثلاثة أيام ، كما فى سورة هود . . . وقيل : معنى { تَمَتَّعُواْ } أى : أسلموا وتمتعوا إلى وقت فراغ آجالكم .
( وفي ثمود إذ قيل لهم : تمتعوا حتى حين . فعتوا عن أمر ربهم ، فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون . فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين ) . .
والإشارة في قوله : ( إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين ) . . قد تعني إمهالهم ثلاثة أيام بعد قتل الناقة . وهو ما ورد في الآية : ( فقال : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ) . . وقد تعني ما قدر لهم من المتاع منذ الرسالة إلى أن قتلوا الناقة
القول في تأويل قوله تعالى : { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتّعُواْ حَتّىَ حِينٍ * فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وفي ثمود أيضا لهم عبرة ومتعظ ، إذ قال لهم ربهم ، يقول : فتكبروا عن أمر ربهم وعلَوْا استكبارا عن طاعة الله . كما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : فَعَتَوْا قال : عَلَوْا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فَعَتَوْا عَنْ أمْرِ رَبّهِمْ قال : العاتي : العاصي التارك لأمر الله .
وقوله : فأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ يقول تعالى ذكره : فأخذتهم صاعقة العذاب فجأة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : فأَخَذَتْهُمْ الصّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ وهم ينتظرون ، وذلك أن ثمود وُعِدَتِ العذاب قبل نزوله بهم بثلاثة أيام وجُعِل لنزوله عليهم علامات في تلك الثلاثة ، فظهرت العلامات التي جعلت لهم الدالة على نزولها في تلك الأيام ، فأصبحوا في اليوم الرابع موقنين بأن العذاب بهم نازل ، ينتظرون حلوله بهم . وقرأت قراء الأمصار خلا الكسائيّ فأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ بالألف . ورُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ ذلك «فأَخَذَتْهُمُ الصّعْقَةُ » بغير ألف .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن السديّ ، عن عمرو بن ميمون الأَودِي ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ «فأَخَذَتْهُمُ الصّعْقَةُ » ، وكذلك قرأ الكسائي : وبالألف نقرأ الصاعقة لإجماع الحجة من القرّاء عليها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.