المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّكُمۡ لَفِي قَوۡلٖ مُّخۡتَلِفٖ} (8)

7 - أُقسم بالسماء ذات الطرائق المحكمة : إنكم إذ تقولون - ما تقولون - لفي قول مضطرب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّكُمۡ لَفِي قَوۡلٖ مُّخۡتَلِفٖ} (8)

ثم أقسم - سبحانه - قسما آخر بالسماء ذات الحبك فقال : { والسمآء ذَاتِ الحبك إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } .

والحبك : جمع حَبِيكة ، كطريقة - وزنا ومعنى - ، أو جمع حِبَاك - كمُثُل ومِثَال - ، والحبيكة والحباك . الطريقة فى الرمل وما يشبهه . أى : وحق السماء ذات الطرق المتعددة ، والتى لا ترونها بأعينكم لبعدها عنكم .

ويرى بعضهم أن معنى ذات الحبك : ذات الخَلْق الحسن المحكم . . . أو ذات الزينة والجمال .

قال القرطبى : وفى الحبك أقوال : الأول : قال : ابن عباس : ذات الخلْق الحسن المستوى يقال ، حبَك فلان الثوب يحبِكُه - بكسر الباء - إذا أجاد نسجه .

الثانى : ذات الزينة . الثالث : ذات النجوم ، الرابع : ذات الطرائق . ولكنها تبعد من العباد فلا يرونها . الخامس : ذات الشدة . .

وقوله : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } جواب القسم . وقوله : { يُؤْفَكُ عَنْهُ . . . } من الأفْك - بفتح الهمزة وسكون الفاء - بمعنى الصرف للشىء عن وجهه الذى يجب أن يكون عليه .

والضمير فى " عنه " يعود إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - أو إلى القرآن الكريم .

فيكون المعنى : وحق السماء ذات الطرق المتعددة ، وذات الهيئة البديعة المحكمة الجميلة . . . إنكم - أيها المشركون - " لفى قول مختلف " أى : متناقض متخالف ، فمنكم من يقول عن القرآن الكريم أنه : أساطير الأولين ، ومنكم من يقول عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - : إنه ساحر أو مجنون .

والحق أنه يصرف عن الإيمان بهذا القرآن الكريم الذى جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من صرفه الله - تعالى - عنه ، بسبب إيثاره الغى على الرشد ، والضلالة على الهداية ، والكفر على الإيمان .

والتعبير بقوله : { مَنْ أُفِكَ } للإشعار بأن هذا الشقى الذى آثر الكفر على الإيمان ، قد صرف عن الرشاد وعن الخير صرفا ، ليس هناك ما هو أشد منه فى سوء العاقبة .

فهذا التعبير شبيه فى التهويل بقوله - تعالى - : { فَغَشِيَهُمْ مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ } قال الجمل : { يُؤْفَكُ } يصرف { عَنْهُ } عن النبى - صلى الله عليه وسلم - والقرآن الكريم . أى : عن الإيمان به { مَنْ أُفِكَ } أى : من صرف عن الهداية فى علم الله - تعالى - .

وقيل : الضمير للقول المذكور ، أى : يرتد ، أى : يصرف عن هذا القول من صرف عنه فى علم الله - تعالى - وهم المؤمنون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّكُمۡ لَفِي قَوۡلٖ مُّخۡتَلِفٖ} (8)

وقوله : إنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يقول : إنكم أيها الناس لفي قول مختلف في هذا القرآن ، فمن مصدّق به ومكذّب . كما :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة إنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ قال : مصدّق بهذا القرآن ومكذّب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ قال : يتخرّصون يقولون : هذا سحر ، ويقولون : هذا أساطير ، فبأيّ قولهم يؤخذ ، قتل الخرّاصون هذا الرجل ، لا بدّ له من أن يكون فيه أحد هؤلاء ، فما لكم لا تأخذون أحد هؤلاء ، وقد رميتموه بأقاويل شتى ، فبأيّ هذا القول تأخذون ، هذا الرجل الاَن فهو قول مختلف . قال : فذكر أنه تخرّص منهم ليس لهم بذلك علم قالوا : فما منع هذا القرآن أن ينزل باللسان الذي نزلت به الكتب من قبلك ، فقال الله : أعجميّ وعربيّ ؟ لو جعلنا هذا القرآن أعجميا لقلتم نحن عرب وهذا القرآن أأعجميّ ، فكيف يجتمعان .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّكُمۡ لَفِي قَوۡلٖ مُّخۡتَلِفٖ} (8)

والقول المختلف : المتناقض الذي يخالف بعضه بعضاً فيقتضي بعضه إبطال بعض الذي هم فيه هو جميع أقوالهم والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك أقوالهم في دين الإشراك فإنها مختلفة مضطربة متناقضة فقالوا القرآنُ : سِحْرٌ وشعر ، وقالوا { أساطير الأولين اكتتبها } [ الفرقان : 5 ] ، وقالوا { إنْ هذا إلا اختلاق } [ ص : 7 ] ، وقالوا { لو نشاء لقلنا مثل هذا } [ الأنفال : 31 ] وقالوا : مرة { في آذاننا وَقْر ومن بيننا وبينك حجاب } [ فصلت : 5 ] وغير ذلك ، وقالوا : وحي الشياطين .

وقالوا في الرسول صلى الله عليه وسلم أقوالاً : شاعر ، ساحر ، مجنون ، كاهن ، يعلمه بشر ، بعد أن كانوا يلقبونه الأمين .

وقالوا في أصول شركهم بتعدد الآلهة مع اعترافهم بأن الله خالق كل شيء وقالوا : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله } [ الزمر : 3 ] ، { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها } [ الأعراف : 28 ] .

و ( في ) للظرفية المجازية وهي شدة الملابسة الشبيهة بملابسة الظرف للمظروف مثل { ويُمدهم في طغيانهم يعمهون } [ البقرة : 15 ] .

والمقصود بقوله : { إنكم لفي قول مختلف } الكناية عن لازم الاختلاف وهو التردد في الاعتقاد ، ويلزمُه بطلان قولهم وذلك مصبّ التأكيد بالقسم وحرف ( إن ) واللام .