في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَرِثُ ٱلۡأَرۡضَ وَمَنۡ عَلَيۡهَا وَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (40)

أنذرهم ذلك اليوم الذي لا شك فيه ؛ فكل ما على الأرض ومن على الأرض عائد إلى الله ، عودة الميراث كله إلى الوارث الوحيد ! :

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَرِثُ ٱلۡأَرۡضَ وَمَنۡ عَلَيۡهَا وَإِلَيۡنَا يُرۡجَعُونَ} (40)

تذييل لختم القصة على عادة القرآن في تذييل الأغراض عند الانتقال منها إلى غيرها . والكلام موجّه إلى المشركين لإبلاغه إليهم .

وضمير { يرجعون } عائد إلى من عليها وإلى ما عاد إليه ضمير الغيبة في { وأنذرهم } [ مريم : 39 ] .

وحقيقة الإرث : مصير مال الميت إلى من يبقى بعده . وهو هنا مجاز في تمحض التصرف في الشيء دون مشارك . فإن الأرض كانت في تصرف سكانها من الإنسان والحيوان كلّ بما يناسبه ، فإذا هلك الناس والحيوان فقد صاروا في باطن الأرض وصارت الأرض في غير تصرفهم فلم يبق تصرف فيها إلا لخالقها ، وهو تصرف كان في ظاهر الأمر مشتركاً بمقدار ما خولهم الله التصرف فيها إلى أجلٍ معلوم ، فصار الجميع في محض تصرف الله ، ومن جملة ذلك تصرفه بالجزاء .

وتأكيد جملة { إنا نحن نرث الأرض } بحرف التوكيد لدفع الشك لأن المشركين ينكرون الجزاء ، فهم ينكرون أن الله يرث الأرض ومن عليها بهذا المعنى .

وأما ضمير الفصل في قوله نحن نرث الأرض فهو لمجرد التأكيد ولا يفيد تخصيصاً ، إذ لا يفيد ردّ اعتقادٍ مخالفٍ لذلك .

وظهر لي : أن مجيء ضمير الفصل بمجرد التأكيد كثير إذا وقع ضمير الفصل بعد ضمير آخر نحو قوله { إنني أنا الله } في سورة طه ( 14 ) ، وقوله : { وهم بالأخرة هم كافرون } في سورة يوسف ( 37 ) .

وأفاد هذا التذييل التعريف بتهديد المشركين بأنهم لا مفرّ لهم من الكون في قبضة الربّ الواحد الذي أشركوا بعبادته بعضَ ما على الأرض ، وأن آلهتهم ليست بمرجوة لنفعهم إذ ما هي إلاّ مما يرثه الله .

وبذلك كان موقع جملة وإلينا يرجعون بيّناً ، فالتقديم مفيد القصر ، أي لا يرجعون إلى غيرنا . ومحمل هذا التقديم بالنسبة إلى المسلمين الاهتمام ومحمله بالنسبة إلى المشركين القصر كما تقدم في قوله : { إنا نحن نرث الأرض } .