في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَّا لَهُۥ مِن دَافِعٖ} (8)

لا يملك دفعه أحد أبدا . وإيقاع الآيتين والفاصلتين حاسم قاطع . يلقي في الحس أنه أمر داهم قاصم ، ليس منه واق ولا عاصم . وحين يصل هذا الإيقاع إلى الحس البشري بلا عائق فإنه يهزه ويضعضعه ويفعل به الأفاعيل . . قال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا أبي حدثنا موسى بن داود ، عن صالح المري ، عن جعفر بن زيد العبدي قال : خرج عمر يعس بالمدينة ذات ليلة ، فمر بدار رجل من المسلمين ، فوافقه قائما يصلي ، فوقف يستمع قراءته فقرأ : ( والطور ) . . حتى بلغ : ( إن عذاب ربك لواقع ، ما له من دافع ) . . قال : قسم ورب الكعبة حق . فنزل عن حماره . واستند إلى حائط ، فمكث مليا ، ثم رجع إلى منزله ، فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه . رضي الله عنه .

وعمر - رضي الله عنه - سمع السورة قبل ذلك ، وقرأها ، وصلى بها ، فقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يصلي بها المغرب . وعمر يعلم . ويتأسى . ولكنها في تلك الليلة صادفت منه قلبا مكشوفا ، وحسا مفتوحا ، فنفذت إليه وفعلت به هذا الذي فعلت . حين وصلت إليه بثقلها وعنفها وحقيقتها اللدنية المباشرة ؛ التي تصل إلى القلوب في لحظات خاصة ، فتتخللها وتتعمقها ، في لمسة مباشرة كهذه اللمسة ، تلقى فيها القلب الآية من مصدرها الأول كما تلقاها قلب رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فأطاقها لأنه تهيأ لتلقيها . فأما غيره فيقع لهم شيء مما وقع لعمر - رضي الله عنه - حين تنفذ إليهم بقوة حقيقتها الأولى . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَّا لَهُۥ مِن دَافِعٖ} (8)

قال قتادة : والعامل في : { يوم } «واقع » ويجوز أن يكون العامل فيه { دافع } ، والأول أبين . وقال مكي : لا يعمل فيه { دافع } .