وإلى جانب هذا الهول في مشاهد الكون ، تعرض السورة أمرا عظيما آخر مؤجلا إلى هذا اليوم . . فهو موعد الرسل لعرض حصيلة الدعوة . دعوة الله في الأرض طوال الأجيال . . فالرسل قد أقتت لهذا اليوم وضرب لها الموعد هناك ، لتقديم الحساب الختامي عن ذلك الأمر العظيم الذي يرجح السماوات والأرض والجبال . للفصل في جميع القضايا المعلقة في الحياة الأرضية ، والقضاء بحكم الله فيها ، وإعلان الكلمة الأخيرة التي تنتهي إليها الأجيال والقرون . .
وفي التعبير تهويل لهذا الأمر العظيم ، يوحي بضخامة حقيقته حتى لتتجاوز مدى الإدراك :
( وإذا الرسل أقتت . لأي يوم أجلت ? ليوم الفصل . وما أدراك ما يوم الفصل ? ) . .
وظاهر من أسلوب التعبير أنه يتحدث عن أمر هائل جليل . فإذا وصل هذا الإيقاع إلى الحس بروعته وهوله ، الذي يرجح هول النجوم المطموسة والسماء المشقوقة والجبال المنسوفة . ألقى بالإيقاع الرعيب ، والإنذار المخيف :
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ما هو؟ تعظيما لشدته، فكذبوا بذلك اليوم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
أيّ شيء أدراك يا محمد ما يوم الفصل، معظما بذلك أمره، وشدّة هوله.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي لم تكن تدري، فأدراك الله تعالى. ذكر هذا إما على التعظيم والتهويل لذلك اليوم، وإما على الامتنان على رسوله صلى الله عليه وسلم بإطلاعه عليه، والله أعلم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
هوّله وعظّمه بقوله: {وما أدراك} أي وأي شيء أعلمك وإن اجتهدت في التعرف ثم زاده تهويلاً بقوله: {ما يوم الفصل} أي إنه أمر يستحق أن يسأل عنه ويعظم، وكل ما عظم بشيء فهو أعظم منه، ولا يقدر أحد من الخلق على الوصول إلى علمه لأنه لا مثل له يقاس عليه.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
جملة {وما أدراك ما يوم الفصل} في موضع الحال من يوم الفصل، والواو واو الحال والرابط لجملة الحال إعادة اسم صاحب الحال عوضاً عن ضميره، مثلُ {القارعةُ ما القارعةُ} [القارعة: 1، 2]. والأصل: وما أدراك ما هو، وإنما أُظهر في مقام الإِضمار لتقوية استحضار يوم الفصل قصداً لتهويله.
و {مَا} استفهامية مبتدأ و {أدراك} خبرٌ، أي أعلمك. و {ما يوم الفصل} استفهام عُلق به فعل {أدْرَاك} عن العمل في مفعولين، و {ما} الاستفهامية مبتدأ أيضاً و {يوم الفصل} خبر عنها والاستفهامان مستعملان في معنى التهويل والتعجيب.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.