( والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة . عليهم نار مؤصدة ) . .
ولم يحتج هنا إلى ذكر أوصاف أخرى لفريق المشأمة غير أن يقول : ( والذين كفروا بآياتنا ) . . لأن صفة الكفر تنهي الموقف . فلا حسنة مع الكفر . ولا سيئة إلا والكفر يتضمنها أو يغطي عليها . فلا ضرورة للقول بأنهم الذين لا يفكون الرقاب ولا يطعمون الطعام ، ثم هم الذين كفروا بآياتنا . . فإذا كفروا فما هو بنافعهم شيء من ذلك حتى لو فعلوه !
وهم أصحاب المشأمة . أي أصحاب الشمال أو هم أصحاب الشؤم والنحس . . وكلاهما كذلك قريب في المفهوم الإيماني . وهؤلاء هم الذين بقوا وراء العقبة لم يقتحموها !
{ أصحاب المشأمة } : أي أصحاب الشمال وهم الكفار الفجار .
قوله تعالى { والذين كفروا بآياتنا } لما ذكر الإِيمان والعمل الصالح وهما المنجيان من عذاب الله تعالى ذكر ضدهما وهما الكفر والمعاصي وهما المهلكان الشرك والمعاصي لأن الكفر بآيات الله لازمه البقاء على الشرك المنافي للتوحيد ، والعصيان المنافي للطاعة وقوله تعالى { أولئك أصحاب المشأمة } أي الشمال .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
قال : { والذين كفروا بآياتنا } يعني بالقرآن { هم أصحاب المشأمة } يعني الذين يعطون كتبهم بشمائلهم ...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
والذين كفروا بأدلتنا وأعلامنا وحججنا من الكتب والرّسل وغير ذلك "هُمْ أصحَابُ المَشأَمَةِ" يقول : هم أصحاب الشمال يوم القيامة الذين يؤخذ بهم ذات الشمال . ...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي أصحاب الشؤم على أنفسهم حين عملوا المعاصي ، واستوجبوا به نارا موصدة ، ...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
معناه إن الذين يجحدون نعم الله ويكذبون أنبياءه ( هم أصحاب المشأمة ) أي ذات الشمال فيؤخذ بهم إلى النار، ويعطون كتابهم بشمالهم ، واشتقاقه من الشؤم خلاف البركة ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ والذين كفروا } أي ستروا ما تظهر لهم مرائي بصائرهم من العلم ....{ بآياتنا } أي ما لها من العظمة بالإضافة إلينا والظهور الذي لا يمكن خفاؤه { هم } أي خاصة لسوء ضمائرهم ولفساد جبلاتهم { أصحاب المشأمة } أي الخصلة المكسبة للشؤم والحرمان والهلكة فهؤلاء مشائيم على أنفسهم ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
( والذين كفروا بآياتنا ) . . لأن صفة الكفر تنهي الموقف . فلا حسنة مع الكفر ....وهم أصحاب المشأمة . أي أصحاب الشمال أو هم أصحاب الشؤم والنحس . . وكلاهما كذلك قريب في المفهوم الإيماني . وهؤلاء هم الذين بقوا وراء العقبة لم يقتحموها ! ...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ثمّ تتعرض الآية لتصوير حالة الفاشلين في اجتياز «العقبة » ... بل هم عامل شقاء لأنفسهم ولمجتمعهم ثمّ إنّ علامة شؤم الفرد يوم القيامة تسلّمه صحيفة أعماله بيده اليسرى ، ومن هنا ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ «المشئمة » هي اليسار مقابل اليمين ، أي إنّ الذين كفروا بآيات اللّه الذين يتسلمون صحائف أعمالهم بيدهم اليسرى خاصّة وأنّ مادة «شؤم » جاءت في اللغة بمعنى اليسار أيضاً . ...
" والذين كفروا بآياتنا " أي كفروا بالقرآن . " هم أصحاب المشأمة " أي يأخذون كتبهم بشمائلهم . قاله محمد بن كعب . يحيى بن سلام : لأنهم مشائيم على أنفسهم . ابن زيد : لأنهم أخذوا من شق آدم الأيسر . ميمون : لأن منزلتهم عن اليسار . قلت : ويجمع هذه الأقوال أن يقال : إن أصحاب الميمنة أصحاب الجنة ، وأصحاب المشأمة أصحاب النار . قال الله تعالى : " وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين{[16086]} ، في سدر مخضود " ، وقال : " وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال . في سموم وحميم " [ الواقعة :42 ] . وما كان مثله .
ولما أرشد السياق لمعادلة { فلا اقتحم العقبة } إلى أن التقدير : ولا أحجم عن المعطبة التي هي الأفعال الموجبة للمعتبة مع كونها متعبة ، بل قطع من يستحق الوصل ووصل من يستأهل القطع ، ثم كان من الذين كفروا وتواصوا بالملأمة واكتسبوا السيئات واتبعوا الشهوات وعاملوا بالقسوة ، عطف عليه قوله : { والذين كفروا } أي ستروا ما تظهر لهم مرائي بصائرهم من العلم . ولما كان الكفر بالآيات من أسوأ أنواع الكفر لأنه كفر بما جعله الله علماً على غيب عهده ، وهي جميع ما تدركه الحواس من الأقوال والأفعال الدالة على ذي الجلال لأنها دالة على الصفات الدالة على الموصوف بها الذي ظهر بأفعاله وبطن بعظيم جلاله ، قال : { بآياتنا } أي ما لها من العظمة بالإضافة إلينا والظهور الذي لا يمكن خفاؤه { هم } أي خاصة لسوء ضمائرهم ولفساد جبلاتهم { أصحاب المشأمة * } أي الخصلة المكسبة للشؤم والحرمان والهلكة فهؤلاء مشائيم على أنفسهم ، وكفرهم دال على فساد جبلاتهم فهو يشير إلى أن من كان كفره أخف لم يكن جبلياً ، فيوشك أن يهدى فيكون من أصحاب الميمنة .