ثم يحكي شكهم في هذا الحشر ، وارتيابهم في هذا الوعد :
( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ? ) . .
وهو سؤال الشاك المستريب . كما أنه سؤال المماحك المتعنت . فإن معرفة موعد هذا الوعد وميقاته لا تقدم ولا تؤخر ؛ ولا علاقة لها بحقيقته ، وهو أنه يوم الجزاء بعد الابتلاء . ويستوي بالقياس إليهم أن يجيء غدا أو أن يجيء بعد ملايين السنين . . فالمهم أنه آت ، وأنهم محشورون فيه ، وأنهم مجازون بما عملوا في الحياة .
ومن ثم لم يطلع الله أحدا من خلقه على موعده ، لأنه لا مصلحة لهم في معرفته ، ولا علاقة لهذا بطبيعة هذا اليوم وحقيقته ، ولا أثر له في التكاليف التي يطالب الناس بها استعدادا لملاقاته ، بل المصلحة والحكمة في إخفاء ميقاته عن الخلق كافة ، واختصاص الله بعلم ذلك الموعد ، دون الخلق جميعا :
ولما كان التقدير : فلقد أبلغ سبحانه في وعظهم بنفسه وعلى لسانك يا أشرف الخلق{[67089]} {[67090]}صلى الله عليه وسلم ، وذلك{[67091]} بما هدى إليه السياق قطعاً ، ذكر حالهم عند ذلك فقال إعلاماً بكثافة طباعهم ، حيث لم تلطف أسرارهم لقبول محبة الله تعالى ، وإثارة{[67092]} الأحوال الحسنة من الصبر المثبت واليقين وحسن الانطباع ، لقبول النصائح والخوف ، وعدم الاعتزاز بأحد غير الله تعالى من جهة نفع أو ضر ، {[67093]}وكذلك{[67094]} لفت القول إلى الإعراض إيذاناً بشديد الغضب منهم{[67095]} : { ويقولون } أي يجددون هذا القول تجديداً مستمراً استهزاء وتكذيباً ، ويجوز أن يكون{[67096]} حالاً من الواو في " بل{[67097]} لجوا " : { متى هذا } وزادوا في الاستهزاء بقولهم { الوعد } وألهبوا وهيجوا إيضاحاً للتكذيب على زعمهم{[67098]} بقولهم : { إن كنتم } جبلة وطبعاً{[67099]} { صادقين * } في أنه لا بد لنا منه ، وأنكم مقربون عند الله ، فلو كان لهم ثبات الصبر واليقين ، لما طاشوا هذا الطيش بإبراز هذا القول القبيح ، الذي ظاهره طلب الإخبار بوقت الأمر المتوعد به ، وباطنه الاستعجال به استهزاء وتكذيباً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.