( وفي ثمود إذ قيل لهم : تمتعوا حتى حين . فعتوا عن أمر ربهم ، فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون . فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين ) . .
والإشارة في قوله : ( إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين ) . . قد تعني إمهالهم ثلاثة أيام بعد قتل الناقة . وهو ما ورد في الآية : ( فقال : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ) . . وقد تعني ما قدر لهم من المتاع منذ الرسالة إلى أن قتلوا الناقة
فأخذتهم الصاعقة : فأهلكتهم الصيحة ، أو نار تنزل بالاحتكاكات الكهربية .
43-44 : { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ } .
وفي قصة ثمود آية ، وكانت عاد تسكن في جنوب الجزيرة العربية ، وثمود تسكن في شمالها ، وكانوا يمرّون على مساكن ثمود في طريق تجارتهم إلى الشام ، وقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بمساكن ثمود في طريقه إلى تبوك ، فلما رآها نظر إليها واستحث راحلته ، وانحنى على ظهرها ، وقال لأصحابه : " لا تمرّوا على قرى القوم الذين ظلموا أنفسهم ، إلا وأنتم مشفقون ، خشية أن يصيبكم ما أصابهم " 10
وقد تكررت قصة ثمود في عاد من سور القرآن الكريم ، وعادة تذكر بعد قصة عاد ، وقد ذكرت مستقلة في سورة الشمس ، حيث أرسل الله إليهم نبيه صالحا ، ومعه معجزة هي الناقة ، تشرب الماء في يوم ، وتحلب لهم لبنا يكفيهم أجمعين في يوم ثان ، لكنهم عَتَوْا عن أمر ربهم ، وأنذرهم صالح بأن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام ، وقال لهم : { تمتَّعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب } . ( هود : 65 ) .
وهذا معنى قوله : { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ } .
أي : قال لهم نبيهم : هناك مهلة ثلاثة أيام ثم يأتي عذاب مدمّر ، لكنّهم كذبوا نبيهم واستكبروا .
{ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ } .
عتوا : تكبروا ، أيْ تعالوا عن الاستجابة لما دعاهم إليه نبيهم صالح فأرسل الله عليهم صاعقة من السماء فأهلكتهم جميعا ، وهم ينظرون إليها .
وهم ينظرون : بمعنى : ينتظرون ، أي وهم ينتظرون الأخذ والعذاب ، وانتظار العذاب أشد من العذاب .
{ وفي ثمود } : أي وفي إهلاك ثمود آية دالة على قدرة الله وكرهه تعالى للكفر والإِجرام .
{ إذ قيل لهم } : أي بعد عقر الناقة تمتعوا إلى انقضاء آجالكم بعد ثلاثة أيام .
وقوله تعالى { وفي ثمود } إذ أرسلنا إليهم أخاهم صالحاً فدعاهم إلى عبادة الله وحده وترك الشرك فكذبوه وطالبوه بآية تدل على صدقه فأعطاهم الله الناقة آية فعقروها استخفافاً منهم وتكذيباً { إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين } أي إلى انقضاء الأجل الذي حدد لهلاكهم .
{ 43-45 } { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ }
أي { وَفِي ثَمُودَ } [ آية عظيمة ] ، حين أرسل الله إليهم صالحًا عليه السلام ، فكذبوه وعاندوه ، وبعث الله له الناقة ، آية مبصرة ، فلم يزدهم ذلك إلا عتوًا ونفورًا .
قوله تعالى : " وفي ثمود " أي وفيهم أيضا عبرة وآية حين قيل لهم عيشوا متمتعين بالدنيا " حتى حين " أي إلى وقت الهلاك وهو ثلاثة أيام كما في هود{[14253]} : " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام " [ هود : 65 ] . وقيل : معنى " تمتعوا " أي أسلموا وتمتعوا إلى وقت فراغ آجالكم .
ولما تم ما اقتضاه سياق السورة من قصة أهل الريح الذارية ، أتبعها قصة من أهلكوا بما يحمله السحاب من الريح وما تحمله الريح من صوت الصيحة الراجفة الماحقة فقال : { وفي ثمود } أي قوم صالح عليه السلام آية عظيمة كذلك { إذ } أي حين { قيل لهم } ممن لا يخلف المعياد : { تمتعوا } أي بلبن الناقة وغيره مما مكناكم فيه من الزرع والنخيل والأبنية في الجبال والسهول وغير ذلك من جلائل الأمور الذي أمرناكم به ولا تطغوا { حتى حين * } أي وقت ضربناه لآجالكم