الاعتبار والاتعاظ ، والتحذير من الكفر
{ ألم نهلك الأوّلين 16 ثم نتبعهم الآخرين 17 كذلك نفعل بالمجرمين 18 ويل يومئذ للمكذبين 19 ألم نخلقكم من ماء مهين 20 فجعلناه في قرار مكين 21 إلى قدر معلوم 22 فقدرنا فنعم القادرون 23 ويل يومئذ للمكذبين 24 ألم نجعل الأرض كفاتا 25 أحياء وأموتا 26 وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيانكم ماء فراتا 27 ويل يومئذ للمكذبين 28 }
ألم نهلك الأولين : كقوم نوح وعاد وثمود .
16 ، 17 ، 18 ، 19- ألم نهلك الأوّلين* ثم نتبعهم الآخرين* كذلك نفعل بالمجرمين* ويل يومئذ للمكذبين .
لقد أهلكنا المكذبين بالرسل من عهد نوح ، نزل بهم عذابنا المدمّر ، والاستفهام هنا للتقرير والتأكيد ، بمعنى : قد أهلكنا هلاكا مروعا كل من كذّب الرسل ، مثل عاد وثمود وقارون وفرعون ، وسنهلك كفار مكة ومن لفّ لفّهم وسار على شاكلتهم ، وتلك سنتنا نطبّقها مع كل مجرم مظالم ، يتعدى حدود لله ، ولا يطيع أوامره ، ولا يجتنب المحرمات .
تتكرر هذه الآية عشر مرات في هذه السورة ، كالجرس الذي يرنّ في أعقاب كل فقرة ، أي عذاب شديد يوم القيامة للمكذبين بالرسل ، المخالفين لأوامر الله وسننه ، ومن سنن الله إهلاك الظالمين .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
هكذا نفعل بالمجرمين يعني الكفار الظلمة. يخوف كفار مكة لئلا يكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، أي فاحذروا أيا أهل مكة، أن نفعل بكم كما فعلنا بالقرون الأولى.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
كما أهلكنا هؤلاء بكفرهم بي، وتكذيبهم برسلي، كذلك سُنّتي في أمثالهم من الأمم الكافرة، فنهلك المجرمين بإجرامهم إذا طغوا وبغوا.
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
أحدهما: أنه تهويل لهلاكهم في الدنيا اعتباراً.
الثاني: أنه إخبار بعذابهم في الآخرة استحقاقاً.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
[{كذلك نفعل بالمجرمين}] في المستقبل فتدخل هنا قريش وغيرها من الكفار.
ثم إنه تعالى لما بين أنه يفعل بهؤلاء المتأخرين مثل ما يفعل بأولئك المتقدمين قال: {كذلك نفعل بالمجرمين} أي هذا الإهلاك إنما نفعله بهم لكونهم مجرمين، فلا جرم في جميع المجرمين؛ لأن عموم العلة يقتضي عموم الحكم.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وقعت جملة {كذلك نفعل بالمجرمين} موقَع البيان لجملة {ألم نُهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين} [المرسلات: 16، 17]، وهو كالتذييل يبين سبب وقوع إهلاك الأولين وأنه سبب لإِيقاع الإِهلاك بكل مجرم، أي تلك سنة الله في معاملة المجرمين فلا محيص لكم عنها.
والإِشارة في قوله: {كذلك} إلى الفعل المأخوذ من {نفعل،} أي مثل ذلك الفعل نفعل.
و (المجرمون) من ألقاب المشركين في اصطلاح القرآن قال تعالى: {إن الذين أجرموا كانوا من الذي ءامنوا يضحكون} [المطففين: 29] وسيأتي في هذه السورة {كُلُوا وتمتعوا قليلاً إنكم مجرمون} [المرسلات: 46].
ولما هدد من واجه الرسل بالتكذيب تسلية لهم ، سلى من قطعوه من أتباعهم مما{[70872]} يجب وصله بهم من المعروف فقال-{[70873]} مستأنفاً منبهاً على الوصف الموجب لذلك الإهلاك : { كذلك } أي مثل ذلك الإهلاك { نفعل بالمجرمين * } أي جميع الذين يفعلون فعل أولئك الذين يقطعون ما أمر الله به أن يوصل وهم عريقون في ذلك القطع ، وذلك مثبت لنا القدرة على جمعهم ليوم الفصل كما قدرنا على جمعهم لوقت الإجرام وعلى فصلنا في الإهلاك والإنجاء بين مكذبي الأمم ومصدقيهم فلا بد من إيجادنا ليوم الفصل :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.