( قل : يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل . فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم . . )
يا قوم اعملوا على طريقكم وعلى حالكم . إني ماض في طريقي لا أميل ولا أخاف ولا أقلق . وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه في الدينا ، ويحل عليه عذاب مقيم في الآخرة . .
لقد قضي الأمر بعد عرض الحقيقة البسيطة التي تنطق بها الفطرة ويشهد بها الوجود . . إن الله هو خالق السماوات والأرض . القاهر فوق السماوات والأرض . وهو صاحب هذه الدعوة التي يحملها الرسل ويتولاها الدعاة . فمن ذا في السماوات والأرض يملك لرسله شيئاً أو لدعاته ? ومن ذا يملك أن يدفع عنهم ضراً أو يمسك عنهم رحمة ? وإذا لم يكن . فماذا يخشون وماذا يرجون عند غير الله ?
ألا لقد وضح الأمر ولقد تعين الطريق ؛ ولم يعد هناك مجال لجدال أو محال !
مكانتكم : حالتكم التي أنتم عليها من العداوة التي تمكنتم فيها .
39- { قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون } .
تأتي هذه الآية وما بعدها في مقام التهديد والوعيد ، أي : اعملوا على طريقتكم التي تمكّنت من نفوسكم ، وهي عداوة الإسلام والقرآن ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، أي استمروا على كفرهم ، وتمكّن العداوة للإسلام في قلوبكم ، فإني مستمر في الدعوة إلى الإسلام والإيمان ، والنتيجة ستظهر فيما بعد ، وسيظهر المحق من المبطل .
{ 39 - 40 } { قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ }
أي : { قُلْ } لهم يا أيها الرسول : { يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ } أي : على حالتكم التي رضيتموها لأنفسكم ، من عبادة من لا يستحق من العبادة شيئا ولا له من الأمر شيء .
{ إِنِّي عَامِلٌ } على ما دعوتكم إليه ، من إخلاص الدين للّه تعالى وحده . { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } لمن العاقبة
قوله تعالى : " قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل " أي على مكانتي أي على جهتي التي تمكنت عندي " فسوف تعلمون " . وقرأ أبو بكر بالجمع " مكاناتكم " . وقد مضى في " الأنعام " {[13313]} .
ولما كانوا مع هذه الحجج القاطعة ، والأدلة القامعة والبراهين الساطعة ، التي لا دافع لها بوجه ، كالبهائم لا يبصرون إلا الجزئيات حال وقوعها ، قال مهدداً مع الاستعطاف : { قل يا قوم } أي يا أقاربي الذين أرتجيهم عند الملمات ، وفيهم كفاية في القيام بما يحاولونه { اعملوا } أي افعلوا افعالاً مبنية على العلم { على مكانتكم } أي حالتكم التي ترتبتم فيها وجمدتم عليها لأنه جبلة لكم من الكون والمكنة لتبصروا حقائق الأمور ، فتنتقلوا عن أحوالكم السافلة إلى المنازل العالية ، فكأنه يشير إلى أنهم كالحيوانات العجم ، لا اختيار لهم ويعرّض بالعمل الذي مبناه العلم والمكانة التي محطها الجمود بأن أفعالهم ليس فيها ما ينبني على العلم ، وإنما هي جزاف لا اعتبار لها ولا وزن لها . ثم أجاب من عساه أن يقول له منهم : فماذا تعمل أنت ؟ بقوله : { إني عامل } على كفاية الله لي ، ليس لي نظر إلى سواه ، ولا أخشى غيره ، وليس لي مكانة ألتزم الجمود عليها ، بل أنا واقف على ما يرد من عند الله ، إن نقلني انتقلت وإن أمرني بغير ذلك امتثلت ، وأنا مرتقب كل وقت للزيادة ، ثم سبب عن قول من لعله يقول منهم : وماذا عساه يكون قوله ؟ إيذاناً بأنه على ثقة من أمره ، لأن المخبر له به الله : { فسوف تعلمون * } أي بوعد لا خلف فيه
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.