تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ} (36)

{ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي } أي : أمهلني { إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ} (36)

سؤاله النظِرة بعد إعلامه بأنه ملعون إلى يوم الدين فاض به خبث جبلته البالغ نهاية الخباثة التي لا يشفيها إلا دوام الإفساد في هذا العالم ، فكانت هذه الرغبة مجلبة لدوام شقوته .

ولما كانت اللعنة تستمر بعد انعدام الملعون إذا اشتهر بين الناس بسوء لم يكن توقيتها بالأبد مقيداً حياة الملعون ، فلذلك لم يكن لإبليس غنى بقوله تعالى { إلى يوم الدين } عن أن يسأل الإبقاء إلى يوم الدين ليكون مصدر الشرور للنفوس قضاء لما جبل عليه من بثّ الخُبث ؛ فكان بذلك حريصاً على دوامها بما يوجه إليه من اللّعنة ، فسأل النظرة حباً للبقاء لما في البقاء من استمرار عمله .

وخاطب الله بصفة الربوبية تخضّعاً وحثّاً على الإجابة ، والفاء في { فأنظرني } فاء التفريع . فرع السؤال عن الإخراج .

ووسّط النداء بين ذلك .

وذُكرت هذه الحالة من أوصاف نفسيته بعثاً لكراهيته في نفوس البشر الذين يرون أن حق النفس الأبية أن تأنف من الحياة الذميمة المحقرة ، وذلك شأن العرب ، فإذا علموا هذا الحوص من حال إبليس أبغضوه واحتقروه فلم يرضوا بكل عمل ينسب إليه .

والإنظار : الإمهال والتأخير . وتقدم في قوله : { فنظرة إلى ميسرة } في سورة البقرة ( 280 ) . والمراد تأخير إماتته لأن الإنظار لا يكرن للذات ، فتعين أنه لبعض أحوالها وهو الموت بقرينة السياق .