تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلۡ جَآءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (37)

ولهذا قال تعالى ، ناقضا لقولهم : { بَلْ جَاءَ } محمد { بِالْحَقِّ } أي : مجيئه حق ، وما جاء به من الشرع والكتاب حق . { وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ } [ أي : ومجيئه صدق المرسلين ] فلولا مجيئه وإرساله لم يكن الرسل صادقين ، فهو آية ومعجزة لكل رسول قبله ، لأنهم أخبروا به وبشروا ، وأخذ اللّه عليهم العهد والميثاق ، لئن جاءهم ، ليؤمنن به ولينصرنه ، وأخذوا ذلك على أممهم ، فلما جاء ظهر صدق الرسل الذين قبله ، وتبين كذب من خالفهم ، . فلو قدر عدم مجيئه ، وهم قد أخبروا به ، لكان ذلك قادحا في صدقهم .

وصدق أيضا المرسلين ، بأن جاء بما جاءوا به ، ودعا إلى ما دعوا إليه ، وآمن بهم ، وأخبر بصحة رسالتهم ونبوتهم وشرعهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلۡ جَآءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (37)

ثم يكمل التعليق متوجهاً فيه بالتأنيب والتقبيح لقائلي هذا الكلام المرذول :

( بل جاء بالحق وصدق المرسلين . إنكم لذائقو العذاب الأليم . وما تجزون إلا ما كنتم تعملون . إلا عباد الله المخلصين . . )

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بَلۡ جَآءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (37)

قال الله تعالى تكذيبا لهم ، وردا عليهم : { بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ } يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالحق في جميع شرْعة{[24950]} الله له من الإخبار والطلب ، { وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ } أي : صدّقهم فيما أخبروه{[24951]} عنه من الصفات الحميدة ، والمناهج السديدة ، وأخبر عن الله في شرعه [ وقدره ] وأمره كما أخبروا ، { مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ } الآية [ فصلت : 43 ] .


[24950]:- (3) في أ: "ما شرعه".
[24951]:- في ت، س: "أخبروا"
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بَلۡ جَآءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (37)

اعتراض في آخر الاعتراض قُصدت منه المبادرة بتنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عما قالوه .

و { بل } إضراب إبطال لقولهم : { لِشاعر مجنون } [ الصافات : 36 ] وبإثبات صفته الحقِّ لبيان حقيقة ما جاء به . وفي وصف ما جاء به أنه الحق ما يكفي لنفي أن يكون شاعراً ومجنوناً ، فإن المشركين ما أرادوا بوصفه بشاعر أو مجنون إلا التنفير من اتِّباعه فمثلوه بالشاعر من قبيلة يهجو أعداء قبيلته ، أو بالمجنون يقول ما لا يقوله عقلاء قومه ، فكان قوله تعالى : { بل جاءَ بالحقِ } مثبتاً لكون الرسول على غير ما وصفوه إثباتاً بالبينة .

وأتبع ذلك بتذكيرهم بأنه ما جاء إلا بمثل ما جاءت به الرسل من قَبله ، فكان الإِنصاف أن يلحقوه بالفريق الذي شابههم دون فريق الشعراء أو المجانين .

وتصديق المرسلين يجمع ما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إجمالاً وتفصيلاً ، لأن ما جاء به لا يعدو أن يكون تقريراً لما جاءت به الشرائع السالفة فهو تصديق له ومصادقة عليه ، أو أن يكون نسخاً لما جاءت به بعض الشرائع السالفة ، والإِنباءُ بنسخه وانتهاءِ العمل به تصديق للرسل الذين جاءوا به في حين مجيئهم به ، فكل هذا مما شمله معنى التصديق ، وأول ذلك هو إثبات الوحدانية بالربوبية لله تعالى . فالمعنى : أن ما دعاكم إليه من التوحيد قد دعت إليه الرسل من قبله ، وهذا احتجاج بالنقل عقب الاحتجاج بأدلة النظر .