الآية 37 وقوله تعالى : { بل جاء بالحق وصدّق المرسلين } : { بالحق } قال بعضهم : بالحق الذي لله عليهم وما لبعضهم على بعض .
وأصل الحق أن كل ما يُحمد على فعله ، هو الحق ، وكل ما يُذم عليه ، هو باطل .
[ وقوله تعالى ]{[17699]} : { وصدّق المرسلين } أخبر أنه صدّق إخوانه من المرسلين ، والله أعلم .
قال أبو عوسجة والقتبيّ : { والصافّات } هي الطيور التي صفّت بين السماء والأرض { فالزاجرات زجرا } من الزجر ، يقال : زجرت الإبل زجرا ، أي صحت له ، والزّجر الصياح { فالتاليات ذكرا } كما تقول : تلوت القرآن ، أي قرأت ، وتلوت : تبعت . والتالي : التابع . والقذف : الرّمي . يُقذفون : يُرمَون . ودحورا أي مباعدة ، دحرتُه أي باعدته ، وطردته . واصبٌ : دائب . وخطف الخطفة ، أي استلب الشيء ، والخطفة الاستلاب السريع . { فأتبعه } أي اتّبعه { شهاب ثاقب } الشهاب : الكوكب ، والثاقب الشديد الضوء والحر ، يقال : ثقبت النار ، أي التهبت ، واشتد حرّها ، وأثقبها أي أوقدتها ، وسخِرت ، واستسخرت كقولهم : وقر ، واستوقر ، واحد . ويسخر به ، وسخرية بالتشديد ، وسخّرت فلانا ، أي استعملته بغير أجر . و{ مستسلمون } أي قد ذلّوا ، وأعطوا بأيديهم ، يقال : استسلم إذا طغى بيده ، واستلمته : تركته ، لم أُغنِه ، ولم أنصره . { وأزواجهم } وأشكالهم ، تقول العرب : زوّجت أي إذا قرنت واحدا بآخر ، وهم قرناؤهم من الشياطين . [ وزوج الشيء شكله ، ويقال لضده ، فهو اسم لهما جميعا ]{[17700]} . [ وقوله تعالى ]{[17701]} : { كنتم تأتوننا عن اليمين } أي تخدعوننا ، وتمنعوننا عن طاعة الله ، والله أعلم . وقوله تعالى : { إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون } يحتمل ما ذكرنا أنه على الإضمار : { إنهم كانوا إذا قيل لهم } قولوا : { لا إله إلا الله يستكبرون } ويحتمل وجها آخر : أنهم إذا قيل لهم : اتركوا عبادة الأصنام ، واصرفوا عبادتكم إلى الإله الذي هو في الحقيقة إله ، وهو المالك لجرّ النفع ولدفع الضّر ، وهو الله : جل ، وعلا . ويدل [ على هذا ]{[17702]} قولهم : { لشاعر مجنون } أي نترك عبادة آلهتنا لقول شاعر مجنون ؟ والله أعلم .
ذُكر أن نفرا من رؤساء قريش أتوا أبا طالب ، فقالوا : ما يريد منا ابن أخيك ؟ فدعا به ( فقال : ما تريد منهم يا ابن /452-أ/ أخي ؟ فقال له : يا عمّ إنما أريد منكم كلمة تملكون بها العرب ، وتدين لكم بها العجم ) [ أحمد 1/227 ] وفي بعض القصة أنه قال : ( أريد منكم كلمة يدين لكم بها العرب ، ويؤدي إليكم بها العجم الجزية . فقالوا : وما هي ؟ فقال : لا إله إلا الله ، وإني رسول الله . فقالوا : { أجعل الآلهة إلها واحدا } [ ص : 5 ] وذكر أنهم قالوا : { أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون } ؟
ويحتمل ما ذكرنا في ما تقدم ، والله أعلم .
والآية في من يقرّ بالصانع ، ليست{[17703]} في من ينكر الصانع رأسا من نحو الدهرية وغيرها ، حين{[17704]} نفى الألوهية لمن دونه ، وأثبتها لله عز وجل بقوله : { لا إله إلا الله } .
ولو كان ذلك مع أهل الدهر لكان لا معنى لنفي الألوهية لغيره ، بل يحتاج إلى تثبيتها فحسب . فدلت{[17705]} الآية [ على أنها ]{[17706]} في من يقر بالصانع ، لكنه يشرك غيره فيها ، وهم مشركو العرب وغيرهم ، والله أعلم .
ثم أخبر عن رسوله صلى الله عليه وسلم وصدقه حين{[17707]} قال : { بل جاء بالحق } وهو كل آياته من التوحيد والإسلام والرسالة ، وكل فعل يحمد فاعله عليه ، ولا يذم .
وقوله تعالى : { وصدق المرسلين } الذين كانوا قبله في جميع ما جاؤوا به من الحق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.