تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيٓ أُرۡسِلَ إِلَيۡكُمۡ لَمَجۡنُونٞ} (27)

فقال فرعون معاندا للحق ، قادحا بمن جاء به : { إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } حيث قال خلاف ما نحن عليه ، وخالفنا فيما ذهبنا إليه ، فالعقل عنده وأهل العقل ، من زعموا أنهم لم يخلقوا ، أو أن السماوات والأرض ، ما زالتا موجودتين من غير موجد وأنهم ، بأنفسهم ، خلقوا من غير خالق ، والعقل عنده ، أن يعبد المخلوق الناقص ، من جميع الوجوه ، والجنون عنده ، أن يثبت الرب الخالق للعالم العلوي والسفلي ، والمنعم بالنعم الظاهرة والباطنة ، ويدعو إلى عبادته ، وزين لقومه هذا القول ، وكانوا سفهاء الأحلام ، خفيفي العقول { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيٓ أُرۡسِلَ إِلَيۡكُمۡ لَمَجۡنُونٞ} (27)

10

وإنها للقاصمة لفرعون . فما يطيق عليها سكوتا والملأ حوله يستمعون . ومن ثم يرمي قائلها في تهكم بالجنون :

( قال : إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ) . .

إن رسولكم الذي أرسل إليكم . . يريد أن يتهكم على مسألة الرسالة في ذاتها ، فيبعد القلوب عن تصديقها بهذا التهكم ، لا أنه يريد الإقرار بها والاعتراف بإمكانها . ويتهم موسى - عليه السلام - بالجنون ، ليذهب أثر مقالته التي تطعن وضع فرعون السياسي والديني في الصميم . وترد الناس إلى الله ربهم ورب آبائهم الأولين .