تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذۡتَ إِلَٰهًا غَيۡرِي لَأَجۡعَلَنَّكَ مِنَ ٱلۡمَسۡجُونِينَ} (29)

فلما خنقت فرعون الحجة ، وعجزت قدرته وبيانه عن المعارضة { قَالَ } متوعدا لموسى بسلطانه { لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ } زعم - قبحه الله - أنه قد طمع في إضلال موسى ، وأن لا يتخذ إلها غيره ، وإلا فقد تقرر أنه هو ومن معه ، على بصيرة من أمرهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذۡتَ إِلَٰهًا غَيۡرِي لَأَجۡعَلَنَّكَ مِنَ ٱلۡمَسۡجُونِينَ} (29)

10

والطغيان لا يخشى شيئا كما يخشى يقظة الشعوب ، وصحوة القلوب ؛ ولا يكره أحدا كما يكره الداعين إلى الوعي واليقظة ؛ ولا ينقم على أحد كما ينقم على من يهزون الضمائر الغافية . ومن ثم ترى فرعون يهيج على موسى ويثور ، عندما يمس بقوله هذا أوتار القلوب . فينهي الحوار معه بالتهديد الغليظ بالبطش الصريح ، الذي يعتمد عليه الطغاة عندما يسقط في أيديهم وتخذلهم البراهين :

قال : لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين . .

هذه هي الحجة وهذا هو الدليل : التهديد بأن يسلكه في عداد المسجونين . فليس السجن عليه ببعيد . وما هو بالإجراء الجديد ! وهذا هو دليل العجز ، وعلامة الشعور بضعف الباطل أمام الحق الدافع . وتلك سمة الطغاة وطريقهم في القديم والجديد !