تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (44)

{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } ولو لم يكن لهم من هذا الويل إلا فوات هذا النعيم ، لكفى به حرمانا وخسرانا{[1329]} .


[1329]:- في ب: حزنا وحرمانا.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (44)

وقوله : إنّا كَذَلكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ يقول : إنا كما جزينا هؤلاء المتقين بما وصفنا من الجزاء على طاعتهم إيانا في الدنيا ، كذلك نجزي ونثيب أهل الإحسان في طاعتهم إيانا ، وعبادتهم لنا في الدنيا على إحسانهم لا نضيع في الاَخرة أجرهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (44)

وجملة { إنا كذلك نجزي المحسنين } يجوز أن تكون مما يقال للمتقين بعد أن قيل لهم { كلوا واشربوا } الخ مسوقة إليهم مساق زيادة الكرامة بالثناء عليهم ، أي هذا النعيم الذي أنعمتُ به عليكم هو سُنتنا في جزاء المُحسنين فإذْ قد كنتم من المحسنين فذلك جزاء لكم نِلتموه بأنكم من أصحاب الحق في مثله ، ففي هذا هَزٌّ من أعطاف المنعم عليهم .

والمعنى عليه : أن هذه الجملة تقال لكل متّق منهم ، أو لكل جماعة منهم مجتمعة على نعيم الجنة ، وليعلموا أيضاً أن أمثالهم في الجنات الأخرى لهم من الجزاء مثل ما هم ينعمون به .

ويجوز أن تكون الجملة موجهة إلى المكذبين الموجودين بعد أن وصف لهم ما ينعم به المتقون إثر قوله { إن المتقين في ظلال وعيون } الخ ، قصد منها التعريض بأنّ حرمانهم من مثل ذلك النعيم هم الذين قضوا به على أنفسهم إذ أبوا أنْ يكونوا من المحسنين تكملة لتنديمهم وتحسيرهم الذي بودئوا به من قوله : { إنّ المتقين في ظلال وعيون } إلى آخره ، أي إنا كذلك نجزي المحسنين دون أمثالكم المسيئين .

وموقع الجملة على كلا الاعتبارين موقع التعليل لما قبلها على كلا التقديرين فيما قبلها ، ومن أجْل الإِشعار بهذا التعليل افتُتحت ب { إنَّ } مع خلو المقام عن التردد في الخبر إذ الموقف يومئذٍ موقف الصدق والحقيقة ، فلذلك كانت { إنَّ } متمحضة لإِفادة الاهتمام بالخبر وحينئذٍ تصير مُغنية غناء فَاء التسبب وتفيد مُفاد التعليل والربط كما تقدمت الإِشارة إليه عند قوله تعالى : { إن البَقر تشابه علينا } [ البقرة : 70 ] وتفصيلَه عند قوله : { إنَّ أول بيت وُضِع للنَّاس للذي ببكة } في سورة آل عمران ( 96 ) .

والإِشارة بقوله : { كذلك } إلى النعيم المشاهد إن كانت الجملة التي فيها إشارة موجهة إلى { المتقين } ، أو الإِشارة إلى النعيم الموصوف في قوله : { في ظِلال وعيون } إن كانت الجملة المشتملة على اسم الإِشارة موجهة إلى المكذبين .

والجملة على كل تقدير تفيد معنى التذييل بما اشتملت عليه من شبه عموم كذلك ، ومن عموم المحسنين ، فاجتمع فيها التعليل والتذييل .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (44)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يا محمد {إنا كذلك نجزي المحسنين}: هكذا نجزي المحسنين من أمتك بأعمالهم في الجنة.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

إنا كما جزينا هؤلاء المتقين بما وصفنا من الجزاء على طاعتهم إيانا في الدنيا، كذلك نجزي ونثيب أهل الإحسان في طاعتهم إيانا، وعبادتهم لنا في الدنيا على إحسانهم لا نضيع في الاَخرة أجرهم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

سمّى المتقي محسنا لأنه بدأ بذكر المتقين، وذكر ما أعدّ لهم، ثم أخبر أنهم جزوا ذلك بإحسانهم، فيكون فيه دلالة على أن الاتقاء متى ذكر على الانفراد يقتضي إتيان المحاسن والاتقاء عن المهالك.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

في ذلك دلالة على أن كل إحسان خالص للعبد فله به الثواب والحمد، وأنه طاعة لله، وأن ما ليس بإحسان من فعل خارج عن هذا الحكم.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

قال الحسن البصري: المحسن من أدى جميع فرائض الله واجتنب جميع مناهي الله.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

الكاف في قوله {إنا كذلك} كاف تشبيه، والإشارة بذلك إلى ما ذكره من تنعيم أهل الجنة.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

المقصود منه أن يذكر الكفار ما فاتهم من النعم العظيمة، ليعلموا أنهم لو كانوا من المتقين المحسنين لفازوا بمثل تلك الخيرات، وإذا لم يفعلوا ذلك لا جرم وقعوا فيما وقعوا فيه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان ربما توهم متوهم أن هذا لناس- معينين في زمن مخصوص -قال معلماً بالتعميم مؤكداً رداً على من ينكر: {إنا} أي بما لنا من العظمة {كذلك} أي مثل هذا الجزاء العظيم {نجزي المحسنين} أي كل من كان عريقاً في وصف الإحسان لسنا كملوك الدنيا، يعوقهم عن- الإحسان إلى بعض المحسنين عندهم بما يرونه جزاء لهم بعضُ أهل مملكتهم لما لهم من الأهوية ولملوكهم من الضعف.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جملة {إنا كذلك نجزي المحسنين} يجوز أن تكون مما يقال للمتقين بعد أن قيل لهم {كلوا واشربوا} الخ مسوقة إليهم مساق زيادة الكرامة بالثناء عليهم، أي هذا النعيم الذي أنعمتُ به عليكم هو سُنتنا في جزاء المُحسنين فإذْ قد كنتم من المحسنين فذلك جزاء لكم نِلتموه بأنكم من أصحاب الحق في مثله، ففي هذا هَزٌّ من أعطاف المنعم عليهم.

والمعنى عليه: أن هذه الجملة تقال لكل متّق منهم، أو لكل جماعة منهم مجتمعة على نعيم الجنة وليعلموا أيضاً أن أمثالهم في الجنات الأخرى لهم من الجزاء مثل ما هم ينعمون به.

ويجوز أن تكون الجملة موجهة إلى المكذبين الموجودين بعد أن وصف لهم ما ينعم به المتقون إثر قوله {إن المتقين في ظلال وعيون} الخ، قصد منها التعريض بأنّ حرمانهم من مثل ذلك النعيم هم الذين قضوا به على أنفسهم إذ أبوا أنْ يكونوا من المحسنين تكملة لتنديمهم وتحسيرهم الذي بودئوا به من قوله: {إنّ المتقين في ظلال وعيون} إلى آخره، أي إنا كذلك نجزي المحسنين دون أمثالكم المسيئين.

وموقع الجملة على كلا الاعتبارين موقع التعليل لما قبلها على كلا التقديرين فيما قبلها، ومن أجْل الإِشعار بهذا التعليل افتُتحت ب {إنَّ} مع خلو المقام عن التردد في الخبر؛ إذ الموقف يومئذٍ موقف الصدق والحقيقة، فلذلك كانت {إنَّ} متمحضة لإِفادة الاهتمام بالخبر، وحينئذٍ تصير مُغنية غناء فَاء التسبب، وتفيد مُفاد التعليل والربط كما تقدمت الإِشارة إليه عند قوله تعالى: {إن البَقر تشابه علينا} [البقرة: 70] وتفصيلَه عند قوله: {إنَّ أول بيت وُضِع للنَّاس للذي ببكة} في سورة آل عمران (96).

والإِشارة بقوله: {كذلك} إلى النعيم المشاهد إن كانت الجملة التي فيها إشارة موجهة إلى {المتقين} أو الإِشارة إلى النعيم الموصوف في قوله: {في ظِلال وعيون} إن كانت الجملة المشتملة على اسم الإِشارة موجهة إلى المكذبين.

والجملة على كل تقدير تفيد معنى التذييل بما اشتملت عليه من شبه عموم كذلك، ومن عموم المحسنين، فاجتمع فيها التعليل والتذييل.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ثمّ تؤكد الآية الأُخرى على مسألة النعم وأنّها لا تمنح اعتباطاً فيضيف: (إنا كذلك نجزي المحسنين)

الظريف أنّ في الآية الأُولى تأكيد على «التقوى»، وفي الآية التي تليها تأكيد على «العمل»، وأمّا في هذه الآية فقد أكّد على «الإحسان».

(التقوى): هي اتّقاء واجتناب الذنوب والفساد والشرك والكفر، و«الإحسان» هو أداء كل عمل حسن، و«العمل» يتعلق بالأعمال الصالحة، ليتضح أنّ منهج النعم الإلهية مرتبط بهذه الجماعة فقط، وليس بمن يدعي الإيمان الكاذب، والملوثين بأنواع الفساد، وإن كانوا في الظاهر من أهل الإيمان.