اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (44)

قوله { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين } . أي : نثيب الذين أحسنوا في تصديقهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وأعمالهم في الدنيا .

فصل في الكلام على الآية

اختلفوا في قوله { كُلُواْ واشربوا } هل هو أمر أو إذن ؟ .

فقال أبو هاشم : هو أمر ، وأراد الله تعالى منهم الأكل والشرب لأن سرورهم يعظم بذلك إذا علموا أن الله تعالى أراده منهم جزاء على عملهم ، فكما يريد إجلالهم وإعظامهم بذلك ، فكذلك يريد نفس الأكل والشرب منهم . وقال أبو علي : ليس بأمر وإنما يقوله على وجه الإكرام ، والأمر والنهي إنما يحصلان في زمان التكليف لا في الآخرة .

فصل فيمن قال : العمل يوجب الثواب

تمسّك من قال : العمل يوجب الثواب بالباء في قوله : { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .

قال ابن الخطيب{[59084]} : وهذا ضعيف ؛ لأن الباء للإلصاق ، ولمَّا جعل هذا العمل علامة لهذا الثواب كان الإتيان بذلك كالآلة والصلة إلى تحصيل ذلك الثواب ، وقوله تعالى : { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين } المقصود منه تذكير الكفار بما فاتهم من النعيم العظيم ليعلموا أنهم لو كانوا من المتقين المحسنين لفازوا بمثل تلك الخيرات ، فلما لم يفعلوا وقعوا فيما وقعوا فيه .


[59084]:ينظر الفخر الرازي 30/249.