ثم نتبعهم الآخرين : نحن نتبعهم نظراءهم ، ككفار مكة .
ماء مهين : مني ضعيف ذليل ، وهو النطفة .
قرار مكين : مكان حصين حريز ، وهو الرحم .
إلى قدر معلوم : إلى وقت الولادة .
فقدرنا : قدّرنا ذلك وأحكمناه .
20 ، 21 ، 22 ، 23 ، 24- ألم نخلقكم من ماء مهين* فجعلناه في قرار مكين* إلى قدر معلوم* فقدرنا فنعم القادرون* ويل يومئذ للمكذبين .
يخاطب القرآن الخلق ، ويلوّن في أسلوب الخطاب ، ويدعو الإنسان إلى التفكّر في أصله فيقول : ألم نخلقكم أيها الخلق من ماء ضعيف ، نطفة مزرة ؟
وكلمة : مهين . بزنة فعيل ، ومادته : مهن ، أي ضعف ، والميم فيها أصلية .
وأكثر المفسرين ذهب إلى أن معنى : مهين . وضيع حقير ، أما الطبري شيخ المفسرين فقال : المهين هو الضعيف . اه .
وإذا تأملنا أن الله تعالى كرّم بني آدم ، رجحنا أن يكون معنى مهين : ضعيف ، أبعد ما يكون عن الحياة والقوّة والحركة ، لولا أن تلقفته يد القدرة الإلهية .
وأتمنى أن نبتعد عن تسمية المنيّ بأنه مهين بمعنى حقير أو ذليل ، بل معناه اللغويّ من مادة مهن لا هان ، ومهن معناه ضعف ، ومهين معناه ضعيف ، وليس المعنى أنه حقير ، وليس معناها هان بمعنى ذلّ والمنيّ مهين بمعنى ضعيف ، أي لولا وضعه في الرحم في قرار مكين ، لما كان له وجود ولا حياة ولا شموخ وتعال ، فلماذا تتكبّر أيها الإنسان على خالقك ، ولولا يد القدرة ما كنت شيئا مذكورا ؟
قال تعالى : هل أتى على الإنسان حين من الدّهر لم يكن شيئا مذكورا . ( الإنسان : 1 ) .
ألم تخلقكم يد القدرة الإلهية من ماء مهين ، هو المنيّ الذي يخرج من صلب الرجل فيصب في رحم المرأة ؟
فجعلنا هذا الماء المهين في مكان حريز حصين ، وهو رحم المرأة ، المؤهل للمحافظة على هذه النطفة ، حيث تمسك بجدار الرحم ، وتعلق به وتتشبت به ، فلا تفلت منه ، ثم تتحول إلى مراحل متعددة .
إلى قرار معلوم . زمن مقدّر ، وهو وقت الولادة .
فقدرنا على خلقه بشرا سويّا في أحسن تقويم ، معه العقل والإرادة والسمع والصبر ، ومزود بالأجهزة البديعة ، مثل : الجهاز الهضمي ، والجهاز العصبي ، والجهاز التناسلي ، والجهاز اللمفاوي .
أنعم وأكرم بقدرة الله وحده ، الذي خلق الإنسان من منيّ يمنى ، ثم أنشأه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين .
أي : في يوم القيامة الويل والعذاب الأليم للمكذبين بقدرة الله ، فهو الذي خلق الإنسان من مني يمنى ، ومن بدأ الخلق قادر على إعادته ، بل الإعادة أهون من البدء ، فمن كذّب بالبعث والجزاء فله الويل والعذاب يومئذ ، أي يوم القيامة .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
فجعلنا الماء المَهِين في رحمٍ استقرّ فيها فتمكن.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
القرار: المكان الذي يمكن أن يطول فيه مكث الشيء، ومنه قولهم: قر في المكان إذا ثبت على طول المكث فيه يقر قرارا.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
بما لنا من العظمة بالإنزال لذلك الماء في الرحم {في قرار مكين} أي محفوظ مما يفسده من الهواء وغيره ومددنا ذلك لأجل التطوير في أطوار الخلقة والتدوير في أدوار الصنعة.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
تفصيل لكيفية الخلق على سبيل الإِدماج مع مناسبته لأن له دخلاً في تبيين إمكان الإِعادة إذ شديد القدرة لا يعجزه شيء، ولذلك ذيله بقوله {فنعم القادرون} على التفسيرين الآتيين.
{مَكين}: صفة ل {قرار}، أي مكان متمكن في ذلك فهو فعيل من مكُن مَكانة، إذا ثبت ورسخ.
ووُصف القرارُ بالمكين على طريقة المجاز العقلي، أي مكين الحالُّ والمستقرّ فيه، فالتقدير: مكين فيه.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
مقرّ فيه ضمان لجميع ظروف الحياة والتربية والنمو والمحافظة على نطفة الإنسان فهو عجيب وظريف وموزون بحيث يثير إعجاب كل إنسان.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.