التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (80)

وقوله : { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين } تعليل لما منحه - سبحانه - لعبده نوح من نعم وفضل وإجابة دعاء .

أى : مثل ذلك الجزاء الكريم الذى جازينا به نوحا - عليه السلام - نجازى كل من كان محسنا فى أقواله وأفعاله .

وإن عبدنا نوحا قد كان من عبادنا الذين بلغو درجة الكمال فى إيمانهم وإحسانهم .

قال صاحب الكشاف : قوله : { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين } أى من الأمم هذه الكلمة ، وهى : " سلام على نوح " يعنى : يسلمون عليه تسليما ويدعون له . فإن قلت : فما معنى قوله : { فِي العالمين } .

قلت : معناه الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعا ، وأن لا يخلو أحد منهم منها ، كأنه قيل : ثبت الله التسليم على نوح وأدامه فى الملائكة والثقلين ، يسلمون عليه عن آخرهم .

علل - سبحانه - مجازاة نوح بتلك التكرمة السنية ، من تبقية ذكره ، وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر ، بأنه كان محسناً ، ثم علل كونه محسناً ، بأنه كان عبداً مؤمناً ، ليريك جلالة محل الإِيمان ، وأنه لقصارى من صفات المدح والتعظيم ، ويرغبك فى تحصيله وفى الازدياد منه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (80)

{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } أي : هكذا نجزي من أحسن من العباد في طاعة الله ، نجعل{[25003]} له لسانَ صدْق يذكر به بعده بحسب مرتبته في ذلك .


[25003]:- في ت، س: "يجعل".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (80)

قوله تعالى : { كذلك } إشارة إلى إنعامه على نوح بالإجابة كما اقترح ، وأثنى تعالى على نوح بالإحسان ، لصبره على أذى قومه ومطاولته لهم وغير ذلك من عبادته وأفعاله صلى الله عليه وسلم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (80)

جملة { إنَّا كذلك نجزي المُحسنين } تذييل لما سبق من كرامة الله نوحاً . و ( إنّ ) تفيد تعليلاً لمجازاة الله نوحاً بما عده من النعم بأن ذلك لأنه كان محسناً ، أي متخلقاً بالإِحسان وهو الإِيمان الخالص المفسّر في قول النبي صلى الله عليه وسلم « الإِحسانُ أن تعبدَ الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك » ، وأي دليل على إحسانه أجلى من مصابرته في الدعوة إلى التوحيد والتقوى وما ناله من الأذى من قومه طول مدة دعوته .

والمعنى : إنا مثل ذلك الجزاء نجزي المحسنين . وفي هذا تنويه بنوح عليه السلام بأن جزاءه كان هو المثال والإِمامَ لجزاء المحسنين على مراتب إحسانهم وتفاوت تقَارُبِها من إحسان نوح عليه السلام وقوته في تبليغ الدعوة . فهو أول من أوذي في الله فسَنَّ الجزاءَ لمن أوذي في الله ، وكان على قَالَب جزائه ، فلعله أن يكون له كفل من كل جزاء يُجزاه أحد على صبره إذا أوذي في الله ، فثبت لنوح بهذا وصف الإِحسان ، وهو النعمة السابعة . وثبت له أنه مَثَل للمحسنين في جزائهم على إحسانهم ، وهي النعمة الثامنة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (80)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

هكذا نجزي كل محسن، فجزاه الله عز وجل بإحسانه الثناء الحسن في العالمين.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"إنّا كَذلكَ نَجْزِي المُحْسَنِينَ" يقول تعالى ذكره: إنا كما فعلنا بنوح مجازاة له على طاعتنا وصبره على أذى قومه في رضانا "فأَنْجَيْناهُ وأهْلَهُ مِنَ الكَرْبِ العَظِيمِ وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ الباقِينَ"، وأبقينا عليه ثناءً في الآخرين، "كَذلكَ نَجْزِي "الذين يُحْسنون فيطيعوننا، وينتهون إلى أمرنا، ويصبرون على الأذى فينا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

جزاء الله بإحسانه إلينا الثناء الحسن في العالمين، رغّب الناس في الإحسان إما إلى الخلق وإما إلى أنفسهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

علل مجازاة نوح عليه السلام بتلك التكرمة السنية من تبقية ذكره، وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر بأنه كان محسناً.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

أخبر في سياق التأكيد أنه يفعل بكل محسن ما فعل به فقال {إنا} أي على عظمتنا {كذلك} أي مثل ذلك الجزاء بالذكر الحسن والنجاة من كل سوء.

{نجزي المحسنين} أي الذين يتجردون من الظلمات النفسانية، إلى الأنوار الملكية بحيث لا يغفلون عن المعبود، ولا ينفكون لحظة عن الشهود.

تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :

تعليل جملي، ومن مقابلة الإحسان بالإحسان، ونوح من المحسنين إلى قومه بالدعاء إلى توحيد الله وعبادته، مع الصبر على أذاهم في زمان طويل، أي فعلنا له ذلك، لأنا نجزي مثل الإحسان العلي المرتبة من أحسن به.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

لأنه كان محسناً، أي متخلقاً بالإِحسان وهو الإِيمان الخالص المفسّر في قول النبي صلى الله عليه وسلم« الإِحسانُ أن تعبدَ الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، وأي دليل على إحسانه أجلى من مصابرته في الدعوة إلى التوحيد والتقوى وما ناله من الأذى من قومه طول مدة دعوته.

إنا مثل ذلك الجزاء نجزي المحسنين، وفي هذا تنويه بنوح عليه السلام بأن جزاءه كان هو المثال والإِمامَ لجزاء المحسنين على مراتب إحسانهم وتفاوت تقَارُبِها من إحسان نوح عليه السلام وقوته في تبليغ الدعوة؛ فهو أول من أوذي في الله فسَنَّ الجزاءَ لمن أوذي في الله، وكان على قَالَب جزائه، فلعله أن يكون له كفل من كل جزاء يُجزاه أحد على صبره إذا أوذي في الله، فثبت لنوح بهذا وصف الإِحسان، وهو النعمة السابعة، وثبت له أنه مَثَل للمحسنين في جزائهم على إحسانهم، وهي النعمة الثامنة.