وقوله - تعالى - بعد ذلك : { ثُمَّ نَظَرَ . ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ . ثُمَّ أَدْبَرَ واستكبر . . . } تصوير آخر لحالة هذا الشقى ، يرسم حركات جسده ، وخلجات قلبه ، وتقاطيع وجهه . . رسما بديعا ، يثير فى النفوس السخرية من هذا الشقى .
أى : إنه فكر تفكيرا مليا ، وقدر فى نفسه ما سيقوله فى شأن النبى صلى الله عليه وسلم تقديرا طويلا . . ولم يكتف بكل ذلك ، بل فكر وقدر { ثُمَّ نَظَرَ } أى : ثم نظرفى وجوه من حوله نظرات يكسوها الجد المصطنع المتكلف ، حتى لكأنه يقول لهم : اسمعوا وعوا لما سأقوله لكم . .
وقوله : { ثم نظر ثم عبَس وبَسَر ثم أدبر واستكبر } عطف على { وقدّر } وهي ارتقاء متوالٍ فيما اقتضى التعجيب من حاله والإِنكار عليه . v فالتراخي تراخي رتبة لا تراخي زمننٍ لأن نظره وعُبُوسه وبَسَره وإِدباره واستكباره مقارنة لتفكيره وتقديره .
والنظر هنا : نظر العين ليكون زائداً على ما أفاده { فكَّر وقدَّر } . والمعنى : نظر في وجوه الحاضرين يستخرج آراءهم في انتحال ما يصفون به القرآن .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
نظر فيما يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم من السحر.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
"ثم نَظَرَ"... نظر في الوحي المنزل من القرآن، قاله مقاتل.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
وقوله (ثم نظر) نظر من ينكر الحق ويدفعه، ولو نظر طلبا للحق كان ممدوحا وكان نظره صحيحا.
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
أي: برأيه وعقله في أمر النبي صلى الله عليه و سلم.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{ثُمَّ نَظَرَ} في وجوه الناس، ثم قطب وجهه، ثم زحف مدبراً، وتشاوس مستكبراً لما خطرت بباله الكلمة الشنعاء، وهمّ بأن يرمي بها وصف أشكاله التي تشكل بها حتى استنبط ما استنبط، استهزاء به. وقيل: قدرّ ما يقوله، ثم نظر فيه، ثم عبس لما ضاقت عليه الحيل ولم يدر ما يقول.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{ثم نظر}، معناه نظر فيما احتج به القرآن فرأى ما فيه من علو مرتبة محمد عليه السلام ف {عبس} لذلك {وبسر}.
{ثم نظر} والمعنى: أنه أولا فكر، (وثانيا) قدر، (وثالثا) نظر في ذلك المقدر، فالنظر السابق للاستخراج، والنظر اللاحق للتقدير، وهذا هو الاحتياط. فهذه المراتب الثلاثة متعلقة بأحوال قلبه.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان الماهر بالنظر إذا فكر وصحح فكره نظر في لوازمه قال مشيراً إلى طول ترويه: {ثم نظر} أي فيما يدفع به أمر القرآن مرة بعد أخرى، وفي ذلك إشارة إلى قبح أفعاله، فظهور الحق له مع إصراره فإن تكرار النظر في الحق لا يزيده على كل حال إلا ظهوراً وفي الباطل لا يزيده إلا ضعفاً وفتوراً.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 18]
ثم يرسم تلك الصورة المبدعة المثيرة للسخرية والرجل يكد ذهنه! ويعصر أعصابه! ويقبض جبينه! وتكلح ملامحه وقسماته.. كل ذلك ليجد عيبا يعيب به هذا القرآن، وليجد قولا يقوله فيه:
(إنه فكر وقدر. فقتل! كيف قدر؟ ثم قتل! كيف قدر؟ ثم نظر. ثم عبس وبسر. ثم أدبر واستكبر. فقال: إن هذا إلا سحر يؤثر. إن هذا إلا قول البشر).
لمحة لمحة. وخطرة خطرة. وحركة حركة. يرسمها التعبير، كما لو كانت ريشة تصور، لا كلمات تعبر، بل كما لو كانت فيلما متحركا يلتقط المشهد لمحة لمحة!
لقطة وهو يفكر ويدبر ومعها دعوة هي قضاء (فقتل!) واستنكار كله استهزاء (كيف قدر؟) ثم تكرار الدعوة والاستنكار لزيادة الإيحاء بالتكرار.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وقوله: {ثم نظر ثم عبَس وبَسَر ثم أدبر واستكبر} عطف على {وقدّر} وهي ارتقاء متوالٍ فيما اقتضى التعجيب من حاله والإِنكار عليه. فالتراخي تراخي رتبة لا تراخي زمننٍ لأن نظره وعُبُوسه وبَسَره وإِدباره واستكباره مقارنة لتفكيره وتقديره.
والنظر هنا: نظر العين ليكون زائداً على ما أفاده {فكَّر وقدَّر}. والمعنى: نظر في وجوه الحاضرين يستخرج آراءهم في انتحال ما يصفون به القرآن.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.