التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِيَ صَبۡرٗا} (75)

ومرة أخرى يذكره الخضر بالشرط الذى اشترطه عليه . وبالوعد الذى قطعه على نفسه ، فيقول له : { أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } .

وفى هذه المرة لا يكتفى الخضر بقوله : { أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ . . } بل يضيف لفظ لك ، زيادة فى التحديد والتعيين والتذكير .

أى : ألم أقل لك أنت يا موسى لا لغيرك على سبيل التأكيد والتوثيق : إنك لن تستطيع معى صبرا ، لأنك لم تحط علما بما أفعله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِيَ صَبۡرٗا} (75)

{ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا } فأكد أيضًا في التذكار بالشرط الأول ؛ فلهذا قال له موسى : { إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا }

/خ65

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِيَ صَبۡرٗا} (75)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لّكَ إِنّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لّدُنّي عُذْراً } .

يقول تعالى ذكره : قال العالم لموسى ألَمْ أقُلْ لكَ إنّكَ لَنْ تَسْتَطيعَ مَعِيَ صَبْرا على ما ترى من أفعالي التي لم تُحط بها خبرا ، قال موسى له : إنْ سألْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها يقول : بعد هذه المرّة فَلا تُصَاحِبْنِي يقول : ففارقني ، فلا تكن لي مصاحبا قَدَ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنّي عُذْرا يقول : قد بلغت العذر في شأني .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة : «مِنْ لَدُنِي عُذْرا » بفتح اللام وضم الدال وتخفيف النون . وقرأه عامة قرّاء الكوفة والبصرة بفتح اللام وضمّ الدال وتشديد النون . وقرأه بعض قرّاء الكوفة بإشمام اللام الضم وتسكين الدال وتخفيف النون ، وكأن الذين شدّدوا النون طلبوا للنون التي في لدن السلامة من الحركة ، إذ كانت في الأصل ساكنة ، ولو لم تشدّد لتحرّكت ، فشدّدوها كراهة منهم تحريكها ، كما فعلوا في «من ، وعن » إذ أضافوهما إلى مكنيّ المخبر عن نفسه ، فشدّدوهما ، فقالوا مني وعنّي . وأما الذين خفّفوها ، فإنهم وجدوا مكنيّ المخبر عن نفسه في حال الخفض ياء وحدها لا نون معها ، فأجروا ذلك من لدن على حسب ما جرى به كلامهم في ذلك مع سائر الأشياء غيرها .

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما لغتان فصيحتان ، قد قرأ بكلّ واحدة منهما علماء من القرّاء بالقرآن ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، غير أن أعجب القراءتين إليّ في ذلك قراءة من فتح اللام وضمّ الدال وشدّد النون . لعلتين : إحداهما أنها أشهر اللغتين ، والأخرى أن محمد بن نافع البصري :

حدثنا ، قال : حدثنا أمية بن خالد ، قال : حدثنا أبو الجارية العبدي ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبيّ بن كعب ، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنّي عُذْرا مثقلة .

حدثني عبد الله بن أبي زياد ، قال : حدثنا حجاج بن محمد ، عن حمزة الزيات ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبيّ بن كعب ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مثله ، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الاَية فقال : «اسْتَحيْا فِي اللّهِ مُوسَى » .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا بدل بن المحبر ، قال : حدثنا عباد بن راشد ، قال : حدثنا داود ، في قول الله عزّ وجلّ إنْ سألْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنّي عُذْرا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اسْتَحيْا فِي اللّهِ مُوسَى عِنْدَها » .

حدثني عبد الله بن أبي زياد ، قال : حدثنا حجاج بن محمد ، عن حمزة الزيات ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبيّ بن كعب ، قال : كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه ، فقال ذات يوم : «رَحْمَةُ اللّهِ عَلَيْنا وَعلى مُوسَى ، لَوْ لَبِثَ مَعَ صَاحِبِهِ لأَبْصَرَ العَجَبَ وَلَكِنّهُ قالَ : إنْ سألْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنّي عُذْرا » مُثَقلة .