التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَغۡرَقۡنَا بَعۡدُ ٱلۡبَاقِينَ} (120)

ثم حكى - سبحانه - أنه قد استجاب لنوح دعاءه فقال : { فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الفلك المشحون ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الباقين } .

والفلك - كما يقول الآلوسى - : يستعمل للواحد وللجمع . وحيث أتى فى القرآن الكريم فاصلة استعمل مفرداً . وحيث أتى غير فاصلة استعمل جمعا .

والمشحون : المملوء بهم وبكل ما يحتاجون إليه من وسائل المعيشة .

أى : فاستجبنا لعبدنا نوح دعاءه ، فأنجيناه ومن معه من المؤمنين فى السفينة المملوءة بهم ، وبما هم فى حاجة إليه ، ثم أغرقنا بعد إنجائهم الباقين من قومه على كفرهم وضلالهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ أَغۡرَقۡنَا بَعۡدُ ٱلۡبَاقِينَ} (120)

لما طال مقام نبي الله بين أظهرهم يدعوهم إلى الله ليلا ونهارًا ، وجهرًا وإسرارًا ، وكلما كرر عليهم الدعوة صمموا على الكفر الغليظ ، والامتناع الشديد ، وقالوا في الآخر : { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ } أي : عن دعوتك إيانا إلى دينك يا نوح { لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ } أي : لنرجمنَّك{[21802]} . فعند ذلك دعا عليهم دعوة استجاب الله منه ، فقال { رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ . فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ، كما قال في الآية الأخرى : { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ . فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ . وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ . وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ . تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ } [ القمر : 10 - 14 ] .

وقال هاهنا { فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ . } . والمشحون : هو المملوء بالأمتعة والأزواج التي حمل فيه من كل زوجين اثنين ، أي : نجيناه{[21803]} ومن معه{[21804]} كلهم ، وأغرقنا مَنْ كذبه وخالف أمره كلهم ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ . وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } .


[21802]:- في أ : "لنرجمك".
[21803]:- في أ : "نجينا نوحا".
[21804]:- في أ : "اتبعه".