يقول تعالى ذكره : ولقد ضلّ يا محمد عن قصد السبيل وَمحجة الحقّ قبل مشركي قومك من قريش أكثر الأمم الخالية مِن قبلهم وَلَقَدْ أرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ يقول : ولقد أرسلنا في الأمم التي خلت من قبل أمتك ، ومن قبل قومك المكذّبيك منذرين تنذرهم بأسنا على كفرهم بنا ، فكذّبوهم ولم يقبلوا منهم نصائحهم ، فأحللنا بهم بأسنا وعقوبتنا فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُنْذَرِينَ يقول : فتأمل وتبين كيف كان غِبّ أمر الذين أنذَرْتهم أنبياؤنا ، وإلاَمَ صار أمرهم ، وما الذي أعقبهم كفرهم بالله ، ألم نهلكهم فنصيرهم للعباد عِبرة ولمن بعدهم عظة ؟ .
والأمرُ بالنظر مستعمل في التعجيب والتهويل فإن أريد بالعاقبة عاقبتهم في الدنيا فالنظر بصريّ ، وإن أريد عاقبتهم في الآخرة كما يقتضيه السياق فالنظر قلبي ، ولا مانع من إرادة الأمرين واستعمال المشترك في المعنيين .
والتعريف في قوله : { المُنذَرِينَ } تعريف العهد ، وهم المنذَرون الذين أرسل إليهم المنذِرون ، أي فهم الضالّون المعبر عنهم بأنهم { أكْثَرُ الأوَّلين . } فالمعنى : فانظر كيف كان عاقبة الضالّين الذين أنذرناهم فلم ينتذروا كما فعل هؤلاء الذين ألْفَوْا آباءهم ضالّين فاتبعوهم ، فقد تحقق اشتراك هؤلاء وأولئك في الضلال ، فلا جرم أن تكون عاقبة هؤلاء كعاقبة أولئك . وفعل النظر معلق عن معموله بالاستفهام ، والاستفهام تعجيبي للتفظيع .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يحذر كفار مكة لئلا يكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم فينزل بهم العذاب في الدنيا.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
فكذّبوهم ولم يقبلوا منهم نصائحهم، فأحللنا بهم بأسنا وعقوبتنا "فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُنْذَرِينَ "يقول: فتأمل وتبين كيف كان غِبّ أمر الذين أنذَرْتهم أنبياؤنا، وإلاَمَ صار أمرهم، وما الذي أعقبهم كفرهم بالله، ألم نهلكهم فنصيرهم للعباد عِبرة ولمن بعدهم عظة؟.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
انظر كيف صنعنا بمن أنذرنا بالعاقبة، فلم يؤمن، ولم يقبل، ولم تنفعه النذارة.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{المنذرين} الذين أنذروا وحذروا، أي أهلكوا جميعاً.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
يقتضي الإخبار بأنه عذبهم، ولذلك حسن الاستثناء في قوله {إلا عباد الله}.
هذا وإن كان في الظاهر خطابا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن المقصود منه خطاب الكفار لأنهم سمعوا بالأخبار جميع ما جرى من أنواع العذاب على قوم نوح وعلى عاد وثمود وغيرهم، فإن لم يعلموا ذلك فلا أقل من ظن وخوف يصلح أن يكون زاجرا لهم عن كفرهم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{فانظر} فتسبب عن الإرسال أنا فعلنا في إهلاكهم من العجائب ما يستحق التعجيب به والتحذير من مثله بأن يقال لمن تخلف عنهم: {انظر كيف}.
لما كان ذلك عادة مستمرة لم تختلف أصلاً قال: {كان عاقبة المنذرين}...فاصبر على الشدائد كما صبروا، واستمر على الدعاء بالبشارة والنذارة حتى يأتيك أمر الله.
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
من الهول والفظاعةِ لمَّا لم يلتفتُوا إلى الإنذار ولم يرفعُوا له رأساً.
والخطابُ إمَّا لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم أو لكلِّ أحدٍ ممَّن يتمكَّنُ من مشاهدة آثارِهم.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الأمرُ بالنظر مستعمل في التعجيب والتهويل، فإن أريد بالعاقبة عاقبتهم في الدنيا فالنظر بصريّ، وإن أريد عاقبتهم في الآخرة كما يقتضيه السياق فالنظر قلبي، ولا مانع من إرادة الأمرين واستعمال المشترك في المعنيين.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.