التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡجُنُودِ} (17)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك ، ما يدل على شدة بطشه ، ونفاذ أمره فقال : { هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ الجنود .

فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } .

والاستفهام هنا : للتقرير والتهويل . والمراد بالجنود : الجموع الكثيرة التى عتت عن أمر ربها ، فأخذها - سبحانه - أخذ عزيز مقتدر ، وقوله : { فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } بدل من الجنود .

والمراد بفرعون وثمود : ملؤهما وقومهما الذين آثروا الغى على الرشد ، والضلالة على الهداية ، والباطل على الحق . أى : لقد بلغك - أيها الرسول الكريم - حديث فرعون الذى طغى وبغى ، واتبعه قومه فى طغيانه وبغيه ، وحديث قوم صالح - عليه السلام - وهم الذين كذبوا نبيهم . وآذوه ، وعقروا الناقة التى نهاهم عن أن يمسوها بسوء .

وكيف أنه - سبحانه - قد دمر الجميع تدميرا شديدا ، جزاء كفرهم وبغيهم .

وخص - سبحانه - جند فرعون وثمود بالذكر ، لأنهم كانوا أشد من غيرهم بغيا وظلما ، ولأنهم كانت قصصهم معروفة لأهل مكة أكثر من غيرهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡجُنُودِ} (17)

( هل أتاك حديث الجنود : فرعون وثمود ? ) . وهي إشارة إلى قصتين طويلتين ، ارتكانا إلى المعلوم من أمرهما للمخاطبين ، بعدما ورد ذكرهما كثيرا في القرآن الكريم . ويسميهم الجنود . إشارة إلى قوتهم واستعدادهم . . هل أتاك حديثهم ? وكيف فعل ربك بهم ما يريد ?

وهما حديثان مختلفان في طبيعتهما وفي نتائجهما . . فأما حديث فرعون ، فقد أهلكه الله وجنده ونجى بني إسرائيل ، ومكن لهم في الأرض فترة ، ليحقق بهم قدرا من قدره ، وإرادة من إرادته . وأما حديث ثمود فقد أهلكهم الله عن بكرة أبيهم وأنجى صالحا والقلة معه حيث لم يكن لهم بعد ذلك ملك ولا تمكين . إنما هي مجرد النجاة من القوم الفاسقين .

وهما نموذجان لفعل الإرادة ، وتوجه المشيئة . وصورتان من صور الدعوة إلى الله واحتمالاتها المتوقعة ، إلى جانب الاحتمال الثالث الذي وقع في حادث الأخدود . . وكلها يعرضها القرآن للقلة المؤمنة في مكة ، ولكل جيل من أجيال المؤمنين . .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡجُنُودِ} (17)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

هل جاءك يا محمد حديث الجنود، الذين تجندوا على الله ورسوله بأذاهم ومكروههم يقول: قد أتاك ذلك وعلمته، فاصبر لأذى قومك إياك، لما نالوك به من مكروه، كما صبر الذين تجند هؤلاء الجنود عليهم من رسلي، ولا يثنيك عن تبليغهم رسالتي، كما لم يَثْنِ الذين أرسلوا إلى هؤلاء، فإن عاقبة من لم يصدّقك ويؤمن بك منهم إلى عطب وهلاك، كالذي كان من هؤلاء الجنود، ثم بين جلّ ثناؤه عن الجنود من هم؟ فقال:"فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ "يقول: فرعون، فاجتُزئ بذكره، إذ كان رئيس جنده من ذكر جنده وتُبّاعه. وإنما معنى الكلام: هل أتاك حديث الجنود فرعون وقومه وثمود...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

معناه تذكر يا محمد حديثهم تذكر معتبر، فإنك تنتفع به، وهذا من الإيجاز الحسن والتفخيم الذي لا يقوم مقامه التصريح لما يذهب الوهم في أمرهم كل مذهب ويطلب الاعتبار كل مطلب...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

هذا توقيف للنبي صلى الله عليه وسلم وتقرير بمعنى: لجعل هؤلاء الكفرة الذين يخالفونك وراء ظهرك ولا تهتم بهم، فقد انتقم الله من أولئك الأقوياء الشداد، فيكف هؤلاء و {الجنود} الجموع المعدة للقتال، والجري نحو غرض واحد...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

يؤنسه بذلك ويسليه...

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

... المعنى: قد عرفت تكذيبهم للرسل وما حاق بهم، فتسل واصبر على تكذيب قومك، وحذرهم مثل ما أصابهم...

مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي 710 هـ :

أي: قد أتاك خبر الجموع الطاغية في الأمم الخالية...

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

الجنود وهو جمع جند يقال للعسكر اعتباراً بالغلظة من الجند أي الأرض الغليظة وكذا للأعوان ويقال لصنف من الخلق على حدة وكذا لكل مجتمع والمراد بالجنود ههنا الجماعات الذين تجندوا على أنبياء الله تعالى عليهم السلام واجتمعوا على ذريتهم...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهي إشارة إلى قصتين طويلتين، ارتكانا إلى المعلوم من أمرهما للمخاطبين، بعدما ورد ذكرهما كثيرا في القرآن الكريم. ويسميهم الجنود. إشارة إلى قوتهم واستعدادهم.. هل أتاك حديثهم؟ وكيف فعل ربك بهم ما يريد؟ وهما حديثان مختلفان في طبيعتهما وفي نتائجهما.. فأما حديث فرعون، فقد أهلكه الله وجنده ونجى بني إسرائيل، ومكن لهم في الأرض فترة، ليحقق بهم قدرا من قدره، وإرادة من إرادته. وأما حديث ثمود فقد أهلكهم الله عن بكرة أبيهم وأنجى صالحا والقلة معه حيث لم يكن لهم بعد ذلك ملك ولا تمكين. إنما هي مجرد النجاة من القوم الفاسقين. وهما نموذجان لفعل الإرادة، وتوجه المشيئة. وصورتان من صور الدعوة إلى الله واحتمالاتها المتوقعة، إلى جانب الاحتمال الثالث الذي وقع في حادث الأخدود.. وكلها يعرضها القرآن للقلة المؤمنة في مكة، ولكل جيل من أجيال المؤمنين...

.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

متصل بقوله: {إن بطش ربك لشديد} [البروج: 12] فالخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم للاستدلال على كون بطشه تعالى شديداً ببطشَيْنِ بَطَشَهُما بفرعون وثمود بعد أن علل ذلك بقوله: {إنه هو يبدئ ويعيد} [البروج: 13] فذلك تعليل، وهذا تمثيل ودليل. والاستفهام مستعمل في إرادة لتهويل حديث الجنود بأنه يسأل عن علمه، وفيه تعريض للمشركين بأنهم قد يحلّ بهم ما حَلّ بأولئك...

والخطاب لغير معين ممن يراد موعظته من المشركين كناية عن التذكير بخبرهم لأن حال المتلبسين بمثل صنيعهم الراكبين رؤوسهم في العناد، كحال من لا يعلم خبرهم فيُسْأل هل بلغه خبرهم أوْ لا، أو خطاباً لغير معيّن تعجيباً من حال المشركين في إعراضهم عن الاتعاظ بذلك فيكون الاستفهام مستعملاً في التعجيب. والإِتيان: مستعار لبلوغ الخبر، والحديث: الخبرُ. وتقدم في سورة النازعات. و {الجنود}: جمع جند وهو العسكر المتجمع للقتال. وأطلق على الأمم التي تجمعت لمقاومة الرسل...

.وأُبدل فرعونَ وثمودَ من الجنود بدلاً مطابقاً لأنه أريد العبرة بهؤلاء...