التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا فَأۡتِ بِـَٔايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (154)

ولكن هذا النصح الحكيم من صالح لقومه ، لم يقابل منهم بأنذ صاغية ، بل قابلوه بالتطاول والاستهتار وإنكار رسالته { قالوا إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ المسحرين مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين } .

أى : قال قوم صالح له : أنت لست إلا من الذين غلب عليهم السحر ، وأثر فى عقولهم ، فصاروا يتكلمون بكلام المجانين . وما أنت - أيضا - إلا بشر مثلنا تأكل الطعام كما نأكل . وتشرب الشراب كما نشرب . . . فإن كنت رسولا حقا فأتنا بعلامة ومعجزة تدل على صدقك فى دعواك الرسالة وكأنهم - لجهلهم وانطماس بصائرهم - يرون أن البشرية تتنافى مع النبوة والرسالة ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا فَأۡتِ بِـَٔايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (154)

( ما أنت إلا بشر مثلنا ) . . وتلك هي الشبهة التي ظلت تخايل للبشرية كلما جاءها رسول . فقد كان تصور البشرية القاصر للرسول عجيبا دائما ؛ وما كانت تدرك حكمة الله في أن يكون الرسول بشرا ، وما كانت تدرك كذلك تكريم هذا الجنس البشري باختيار الرسل منه ليكونوا رواد البشرية المتصلين بمصدر الهدى والنور .

وكانت البشرية تتصور الرسول خلقا آخر غير البشر . أو هكذا ينبغي أن يكون ؛ ما دام يأتي إليها بخبر السماء ، وخبر الغيب ، وخبر العالم المحجوب عن البشر . . ذلك أنها ما كانت تدرك سر هذا الإنسان الذي كرمه الله به ، وهو أنه موهوب القدرة على الاتصال بالملأ الأعلى وهو على هذه الأرض مقيم . يأكل وينام ويتزوج ويمشي في الأسواق . ويعالج ما يعالجه سائر البشر من المشاعر والنوازع ، وهو متصل بذلك السر العظيم .

وكانت البشرية جيلا بعد جيل تطلب خارقة معجزة من الرسول تدل على أنه حقا مرسل من الله : فأت بآية إن كنت من الصادقين . . وهكذا طلبت ثمود تلك الخارقة ، فاستجاب الله لعبده صالح ، وأعطاه هذه الخارقة في صورة ناقة ؛ لا نخوض في وصفها كما خاض المفسرون القدامى ، لأنه ليس لدينا سند صحيح نعتمد عليه في هذا الوصف . فنكتفي بأنها كانت خارقة كما طلبت ثمود .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا فَأۡتِ بِـَٔايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (154)

القول في تأويل قوله تعالى : { مَآ أَنتَ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ * قَالَ هََذِهِ نَاقَةٌ لّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مّعْلُومٍ * وَلاَ تَمَسّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل ثمود لنبيها صالح : ما أنْتَ يا صالح إلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا من بني آدم ، تأكل ما نأكل ، وتشرب ما نشرب ، ولست بربّ ولا ملك ، فعلام نتبعك ؟ فإن كنت صادقا في قيلك ، وأن الله أرسلك إلينا فَأْتِ بِآيَةً يعني : بدلالة وحجة على أنك محقّ فيما تقول ، إن كنت ممن صَدَقَنا في دعواه أن الله أرسله إلينا . وقد :

حدثني أحمد بن عمرو البصري ، قال : حدثنا عمرو بن عاصم الكلابيّ ، قال : حدثنا داود بن أبي الفرات ، قال : حدثنا عِلباء بن أحمر ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، أن صالحا النبيّ صلى الله عليه وسلم بعثه الله إلى قومه ، فآمنوا به واتبعوه ، فمات صالح ، فرجعوا عن الإسلام ، فأتاهم صالح ، فقال لهم : أنا صالح ، قالوا : إن كنت صادقا فأتنا بآية ، فأتاهم بالناقة ، فكذّبوه وعقروها ، فعذّبهم الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا فَأۡتِ بِـَٔايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (154)

{ ما أنت إلا بشر مثلنا } تأكيدا له . { فائت بآية إن كنت من الصادقين } في دعواك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا فَأۡتِ بِـَٔايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (154)

ولمّا تضمن قولهم : { إنما أنت من المسحّرين } تكذيبهم إياه أيدوا تكذيبه بأنه بشر مثلهم . وذلك في زعمهم ينافي أن يكون رسولاً من الله لأن الرسول في زعمهم لا يكون إلا مخلوقاً خارقاً للعادة كأن يكون ملَكاً أو جِنّيّاً .

جملة : { ما أنت إلا بشر مثلنا } في حكم التأكيد بجملة : { إنما أنت من المسحّرين } باعتبار مضمون الجملتين .

وفرعوا على تكذيبه المطالبةَ بأن يأتي بآية على صدقه ، أي أن يأتي بخارق عادة يدل على أن الله صدقه في دعوى الرسالة عنه . وفرضوا صدقه بحرف { إنْ } الشرطية الغالب استعمالها في الشّك .

ومعنى { من الصادقين } من الفئة المعروفين بالصدق يعنون بذلك الرسل الصادقين لدلالته على تمكن الصدق منه ، كما تقدم في قوله : { من المرجومين } [ الشعراء : 116 ] .