التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ} (82)

ثم حكى - سبحانه - ما قالوه فقال : { قَالُواْ } على سبيل التعجب والإنكار { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } .

فهم يرون - لجهلهم وغبائهم - أنه من المستحيل أن يعادوا إلى الحياة بعد أن يموتوا ويصيروا تراباً وعظاماً نخرة .

وهذا الذى قالوه هنا . قد حكى القرآن عنهم مثله فى آيات كثيرة ، من ذلك قوله - تعالى - { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } وقوله - سبحانه - : { يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الحافرة أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ} (82)

53

وهنا يعدل عن خطابهم وجدالهم ، ليحكي مقولاتهم عن البعث والحساب ، بعد كل هذه الدلائل والآيات :

بل قالوا مثلما قال الأولون . قالوا : أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعثون ? لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل . إن هذا إلا أساطير الأولين . .

وتبدو هذه القولة مستنكرة غريبة بعد تلك الآيات والدلائل الناطقة بتدبير الله ، وحكمته في الخلق ، فقد وهب الإنسان السمع والبصر والفؤاد ليكون مسؤولا عن نشاطه وعمله ، مجزيا على صلاحه وفساده ؛ والحساب والجزاء يكونان على حقيقتهما في الآخرة ، فالمشهود في هذه الأرض أن الجزاء قد لا يقع ، لأنه متروك إلى موعده هناك .

والله يحيي ويميت ؛ فليس شيء من أمر البعث بعسير ، والحياة تدب في كل لحظة ، وتنشأ من حيث لا يدري إلا الله .