التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا فَأۡتِ بِـَٔايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (154)

ولكن هذا النصح الحكيم من صالح لقومه ، لم يقابل منهم بأنذ صاغية ، بل قابلوه بالتطاول والاستهتار وإنكار رسالته { قالوا إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ المسحرين مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين } .

أى : قال قوم صالح له : أنت لست إلا من الذين غلب عليهم السحر ، وأثر فى عقولهم ، فصاروا يتكلمون بكلام المجانين . وما أنت - أيضا - إلا بشر مثلنا تأكل الطعام كما نأكل . وتشرب الشراب كما نشرب . . . فإن كنت رسولا حقا فأتنا بعلامة ومعجزة تدل على صدقك فى دعواك الرسالة وكأنهم - لجهلهم وانطماس بصائرهم - يرون أن البشرية تتنافى مع النبوة والرسالة ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا فَأۡتِ بِـَٔايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (154)

القول في تأويل قوله تعالى : { مَآ أَنتَ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ * قَالَ هََذِهِ نَاقَةٌ لّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مّعْلُومٍ * وَلاَ تَمَسّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل ثمود لنبيها صالح : ما أنْتَ يا صالح إلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا من بني آدم ، تأكل ما نأكل ، وتشرب ما نشرب ، ولست بربّ ولا ملك ، فعلام نتبعك ؟ فإن كنت صادقا في قيلك ، وأن الله أرسلك إلينا فَأْتِ بِآيَةً يعني : بدلالة وحجة على أنك محقّ فيما تقول ، إن كنت ممن صَدَقَنا في دعواه أن الله أرسله إلينا . وقد :

حدثني أحمد بن عمرو البصري ، قال : حدثنا عمرو بن عاصم الكلابيّ ، قال : حدثنا داود بن أبي الفرات ، قال : حدثنا عِلباء بن أحمر ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، أن صالحا النبيّ صلى الله عليه وسلم بعثه الله إلى قومه ، فآمنوا به واتبعوه ، فمات صالح ، فرجعوا عن الإسلام ، فأتاهم صالح ، فقال لهم : أنا صالح ، قالوا : إن كنت صادقا فأتنا بآية ، فأتاهم بالناقة ، فكذّبوه وعقروها ، فعذّبهم الله .