وقوله بعد ذلك : { كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } :
{ كذبوا بآياتنا } من غير فاء تقتضي ترتب التكذيب على المجيء فيه وجهان ( أحدهما ) : أن الكلام تم عند قوله : { ولقد جاء آل فرعون النذر } وقوله : { كذبوا } كلام مستأنف والضمير عائد إلى كل من تقدم ذكرهم من قوم نوح إلى آل فرعون ( ثانيهما ) : أن الحكاية مسوقة على سياق ما تقدم ، فكأنه قال : ( فكيف كان عذابي ونذر وقد كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم ) ، وعلى الوجه الأول آياتنا كلها ظاهرة ، وعلى الوجه الثاني المراد آياته التي كانت مع موسى عليه السلام وهي التسع في قول أكثر المفسرين ، ويحتمل أن يقال : المراد أنهم كذبوا بآيات الله كلها السمعية والعقلية فإن في كل شيء له آية تدل على أنه واحد .
وقوله تعالى : { فأخذناهم } إشارة إلى أنهم كانوا كالآبقين أو إلى أنهم عاصون يقال : أخذ الأمير فلانا إذا حبسه ، وفي قوله : { عزيز مقتدر } لطيفة وهي أن العزيز المراد منه الغالب لكن العزيز قد يكون [ الذي ] يغلب على العدو ويظفر به وفي الأول يكون غير متمكن من أخذه لبعده إن كان هاربا ولمنعته إن كان محاربا ، فقال أحد غالب لم يكن عاجزا وإنما كان ممهلا .
42- { كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ } .
لقد كذَّبوا بمعجزات موسى عليه السلام ، وهي الآيات التسع البيات الواضحات ، وهي : العصا ، واليد ، والسنون ، والطمسة ، والطوفان ، والجراد ، والقمّل ، والضفادع ، والدم ، وكان جزاؤهم على التكذيب والعناد أننا عاقبناهم عقابا أليما بالغرق ، وأخذناهم أخذ عَزِيزٍ . لا يُغالب ولا يُدافع ، مُقْتَدِرٍ . على الانتقام منهم ، فعّال لما يريد .
وقوله تعالى : { كَذَّبُواْ بئاياتنا كُلَّهَا } استئناف مبني على سؤال نشأ من حكاية مجيء النذر كأنه قيل : فماذا فعل آل فرعون حينئذ ؟ فقيل : كذبوا بجميع آياتنا وهي آيات الأنبياء كلهم عليهم السلام فإن تكذيب البعض تكذيب للكل ، أو هي الآيات التسع ، وجوز الواحدي أن يراد بالنذر نفس الآيات فقوله سبحانه : { بآياتنا } من إقامة الظاهر مقام الضمير والأصل كذبوا بها ، وزعم بعض غلاة الشيعة وهم المسلمون بالكشفية في زماننا أن المراد بالآيات كلها علي كرم الله تعالى وجهه فإنه الإمام المبين المذكور في قوله تعالى : { وَكُلَّ شيء أحصيناه في إِمَامٍ مُّبِينٍ } [ يس : 12 ] وأنه كرم الله تعالى وجهه ظهر مع موسى عليه السلام لفرعون وقومه فلم يؤمنوا وهذا من الهذيان بمكان نسأل الله تعالى وجهه ظهر مع موسى عليه السلام لفرعون وقومه فلم يؤمنوا وهذا من الهذيان بمكان نسأل الله تعالى العفو والعافية { فأخذناهم } أي آل فرعون ، وزعم بعض أن ضمير { كَذَّبُواْ } وضمير أخذناهم عائدان على جميع من تقدم ذكره من الأمم وتم الكلام عند قوله تعالى : { النذر } [ القمر : 41 ] وليس بشيء ، والفاء للتفريع أي { فأخذناهم } وقهرناهم لأجل تكذيبهم . { أَخْذَ عِزِيزٍ } لا يغالب { مُّقْتَدِرٍ } .
{ كذبوا بآياتنا كلها } : أي فلم يؤمنوا بل كذبوا بآياتنا التسع التي آتيناها موسى .
{ فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } : أي فأخذناهم بالعذاب وهو الغرق أخذ قوى مقتدر على كل شيء لا يعجزه شيء .
وكذب بآيات الله كلها وهى تسع آيات آتاها الله تعالى موسى أولها العصا وآخرها انفلاق البحر فبسبب ذلك أخذناهم أخذ عزيز غالب لا يمانع في مراده مقتدر لا يعجزه شيء فأغرقناهم أجمعين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.