{ هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبراهيم } فيه تفخيم لشأن الحديث وتنبيه على أنه ليس مما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير طريق الوحي قاله غير واحد ، وفي «الكشف » فيه رمز إلى أنه لما فرغ من إثبات الجزاء لفظاً القسم ومعنى بما في المقسم به من التلويح إلى القدرة البالغة مدمجاً فيه صدق المبلغ ، وقضى الوطر من تفصيله مهد لإثبات النبوة وأن هذا الآتي الصادق حقيق بالاتباع لما معه من المعجزات الباهرة فقال سبحانه : { هَلُ أَتَاكَ } الخ ، وضمن فيه تسليته عليه الصلاة والسلام بتكذيب قومه فله بسائر آبائه وإخوانه من الأنبياء عليهم السلام أسوة حسنة هذا إذا لم يجعل قوله تعالى : { وَفِى موسى } [ الذاريات : 38 ] عطفاً على قوله سبحانه : { وَفِى الارض ءايات } [ الذاريات : 20 ] وأما على ذلك التقدير فوجهه أن يكون قصة الخليل . ولوط عليهما السلام معترضة للتسلي بإبعاد مكذبيه وأنه مرحوم منجي مكرم بالاصطفاء مثل أبيه إبراهيم صلوات الله تعالى وسلامه عليه وعليهم والترجيح مع الأول انتهى وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يتعلق بقوله سبحانه : { وَفِى موسى } [ الذاريات : 38 ] ، و { الضيف } في الأصل مصدر بمعنى الميل ولذلك يطلق على الواحد والمتعدد ، قيل : كانوا اثني عشر ملكاً ، وقيل : ثلاثة . جبرائيل . وميكائيل . وإسرافيل عليهم السلام وسموا ضيفاً لأنهم كانوا في صورة الضيف ولأن إبراهيم عليه السلام حسبهم كذلك ، فالتسمية على مقتضى الظاهر والحسبان ، وبدأ بقصة إبراهيم وإن كانت متأخرة عن قصة عاد لأنها أقوى في غرض التسلية { مِنَ المكرمين } أي عند الله عز وجل كما قال الحسن فهو كقوله تعالى في الملائكة عليهم السلام : { بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } [ الأنبياء : 26 ] أو عند إبراهيم عليه السلام إذ خدمهم بنفسه وزوجته وعجل لهم القرى ورفع مجالسهم كما في بعض الآثار ، وقرأ عكرمة { المكرمين } بالتشديد .
قوله تعالى : { هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين 24 إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون 25 فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين 26 فقربه إليهم قال ألا تأكلون27 فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم 28 فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم 29 قالوا كذلك قال ربك إنه الحكيم العليم } .
يقص الله علينا في هذه الآيات خبر خليله إبراهيم ( عليه الصلاة والسلام ) لما جاءته الملائكة على هيئة شبان حسان فلم يعرفهم وبادر لإكرامهم وحسن استقبالهم وضيافتهم فخف مسرعا لصنع الطعام لهم . وهو قوله سبحانه : { هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين } وهذا تحذير للمشركين أن يحل بهم من العقاب ما حل بالأمم الظالمة من قبل . أولئك الذين كذبوا برسل الله وعتوا عن أمر ربهم .
أما ضيف إبراهيم فهم الملائكة العظام وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل . وقيل : كان جبريل ومعه تسعة من الملائكة . وقد سماهم مكرمين ، لما لهم من عظيم الكرامة ورفيع المنزلة . أو لما أكرمهم به إبراهيم بنفسه من حسن الضيافة وكريم الاستقبال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.