السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (24)

وقوله تعالى : { هل أتاك } أي يا أكمل الخلق { حديث ضيف إبراهيم المكرمين } تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم وتبشير له بالفرج وسماهم ضيفاً ؛ لأنه حسبهم كذلك ويقع على الواحد والجمع لأنه مصدر ، وسماهم مكرمين عند الله تعالى ، أو لأنّ إبراهيم عليه السلام أكرمهم بأن عجل قراهم وأجلسهم في أكرم المواضع واختيار إبراهيم لكونه شيخ المرسلين ، وكون النبيّ صلى الله عليه وسلم مأموراً بأن يتبع ملته وكان إبراهيم عليه السلام أكرم الخليقة ، وضيف الكرام مكرمون . وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : لأنّ إبراهيم عليه السلام خدمهم بنفسه ، وعن ابن عباس سماهم مكرمين لأنهم جاؤوا غير مدعوين ، وقال صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه » .

فإن قيل : إذا كان المراد من الآية التسلية والإنذار ، فأي فائدة في حكاية الضيافة ؟ أجيب : بأنّ في ذلك إشارة إلى أنّ الفرج في حق الأنبياء والبلاء على الجهلة يأتي من حيث لم يحتسبوا كقوله تعالى : { فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون } [ الزمر : 25 ] فلم يكن عند إبراهيم عليه السلام خبر من إنزال العذاب مع ارتفاع منزلته قال القشيري : وقيل كان عددهم اثني عشر ملكاً وقيل : جبريل عليه السلام وكان معه تسعة وقيل : كانوا ثلاثة ، وقرأ هشام بفتح الهاء وألف بعدها والباقون بكسر الهاء وياء بعدها .