التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ} (42)

{ الذين صبروا } صفة « للذين هاجروا » . والصبر : تحمّل المشاقّ . والتّوكّل : الاعتماد .

وتقدم الصبر عند قوله تعالى : { واستعينوا بالصبر والصلاة } أوائل سورة البقرة ( 45 ) . والتوكل عند قوله تعالى : { فإذا عزمت فتوكل على الله } في سورة آل عمران ( 159 ) .

والتعبير في جانب الصبر بالمضي وفي جانب التوكّل بالمضارع إيماء إلى أن صبرهم قد آذن بالانقضاء لانقضاء أسبابه ، وأن الله قد جعل لهم فرجاً بالهجرة الواقعة والهجرة المترقّبة . فهذا بشارة لهم .

وأنّ التوكّل ديدنهم لأنهم يستقبلون أعمالاً جليلة تتمّ لهم بالتوكّل على الله في أمورهم فهم يكرّرونه . وفي هذا بشارة بضمان النجاح .

وفي معنى هذه الآية قوله تعالى : { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } [ سورة الزمر : 10 ] .

وتقديم المجرور في قوله تعالى : { وعلى ربهم يتوكلون } للقصر ، أي لا يتوكّلون إلاّ على ربّهم دون التوكّل على سادة المشركين وولائهم .