التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{ثُمَّ أَغۡرَقۡنَا ٱلۡأٓخَرِينَ} (82)

{ ثم } التي في قوله : { ثم أغرقنا الآخرينَ } للترتيب والتراخي الرتبيين لأن بعض ما ذكر قبلها في الكلام هو مما حصل بعد مضمون جملتها في نفس الأمر كما هو بيّن ، ومعنى التراخي الرتبي هنا أن إغراق الذين كذّبوه مع نجاته ونجاة أهله ، أعظم رتبة في الانتصار له والدلالة على وجاهته عند الله تعالى وعلى عظيم قدرة الله تعالى ولطفه .

ومعنى { الآخرِينَ } مَن عَداهُ وعدا أهله ، أي بقية قومه ، وفي التعبير عنهم بالآخرين ضرب من الاحتقار . ومما في الحديث أنه جاءه رجل فقال : « إن الآخر قد زنى » يعني نفسه على رواية الآخر بمدّ الهمزة وهي إحدى روايتين في الحديث .

وتقدم ذكر نوح وقصته عند قوله تعالى : { إن اللَّه اصطفى آدم ونوحاً } في [ آل عمران : 33 ] ، وفي الأعراف ، وفي سورة هود ، وذكرُ سفينته في أول سورة العنكبوت .