نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ} (43)

ولما كان السياق للانتقام ، أخبر عن حال الفجار على سبيل الاستئناف ، فقال مؤكداً لما {[57652]}يكذبون به{[57653]} : { إن شجرة الزقوم * } التي تقدم من وصفها ما يقطع القلوب من أنها تخرج من أصل الجحيم ، وأن طلعها كأنه رؤوس الشياطين ، وغيره مما لا يعلمه حق علمه إلا الله تعالى والذي تعرفونه من ذلك في الدنيا أنها شجرة صغيرة الورق ذفرة{[57654]} أي شديد النتن - مرة ، من الزقم ، أي اللقم الشديد والشوب المفرط ، وقال عبد الحق في كتابه الواعي : الزقوم شجرة غبراء صغيرة الورق لا شوك لها ذفرة{[57655]} لها كعابر في سوقها أي عقد كالأنابيب ولها ورد تجرسه النحل ، ورأس ورقها قبيح جداً ، وهي مرعى ، ومنابتها السهل{[57656]} ، قال ابن برجان : وهي في النار في مقابلة شجرة طوبى في الجنة ، يضطرون إلى أكلها وإلى شرب الغسلين كما يضطر أهل الدنيا{[57657]} لإدخال الطعام والشراب


[57652]:من م، وفي الأصل و ظ: يكذبونه.
[57653]:من م، وفي الأصل و ظ: يكذبونه.
[57654]:من م، وفي الأصل و ظ: زفرة.
[57655]:من م، وفي الأصل و ظ: زفرة.
[57656]:من م، وفي الأصل: المشهل، وفي ظ: المسهل.
[57657]:من ظ و م، وفي الأصل: الانيا-كذا.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ} (43)

قوله تعالى : { إن شجرت الزقوم 43 طعام الأثيم 44 كالمهل يغلي في البطون 45 كغلي الحميم 46 خذوه فاعتلوه إلى سوآء الجحيم 47 ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم 48 ذق إنك أنت العزيز الكريم 49 إن هذا ما كنتم به تمترون } .

ذلك وعيد من الله مرعب للمجرمين الخاسرين من عباده الذين ضلوا في حياتهم الدنيا فسلكوا سبيل الشيطان واتبعوا الباطل والشهوات . أولئك قد أعد الله لهم يوم القيامة من ألوان العذاب ما تعجز عن وصفه وتبيانه كلمات البشر . لكن كلمات الله العليا التي نزل بها الوحي لهي تحمل في مضمونها للأذهان معاني العذاب الشديد . يضاف إلى ذلك هذا النظم الرباني المميز بعجيب ألفاظه المصطفاة ، وحروفه الساحرة النافذة المختارة ، وما يجلل ذلك كله من روعة الأسلوب وجمال الإيقاع والنغم . لا جرم أن ذلك كله يفضي للنفاذ إلى صميم القلب فيفزع ويوجل ، وإلى الخيال فيأخذه الدهش والبهر ، إن ذلكم لهو الإعجاز .

قوله : { إنّ شجرت الزقوم } هي شجرة خبيثة الطعم والثمر ، خلقها الله في جهنم وسماها الشجرة الملعونة وجعلها طعاما للظالمين والفاسقين في النار ، فهي { طعام الأثيم } .