معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَٰعِبَادِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (68)

قوله تعالى : { يا عباد } يعني فيقال لهم : يا عبادي ، { لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون } وروي عن المعتمر بن سليمان عن أبيه قال : سمعت أن الناس حين يبعثون ليس منهم أحد إلا فزع ، فينادي مناد : { يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون } فيرجوها الناس كلهم فيتبعها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَٰعِبَادِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (68)

وقوله : { يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ } ثم بشرهم .

فقال : { الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ } أي : آمنت قلوبهم وبواطنهم ، وانقادت لشرع الله جوارحهم وظواهرهم .

قال المعتمر بن سليمان ، عن أبيه : إذا كان يوم القيامة فإن الناس حين يبعثون لا يبقى أحد منهم إلا فزع ، فينادي مناد : { يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ } فيرجوها الناس كلهم ، قال : فيتبعُها : { الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ } ، قال : فييأس الناس منها غير المؤمنين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَٰعِبَادِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (68)

جملة { يا عبادي } مقولة لقول محذوف دلت عليه صيغة الخطاب ، أي نقول لهم أو يقول الله لهم .

وقرأ الجمهور { يا عبادي } بإثبات الياء على الأصل . وقرأه حفص والكسائي بحذف ( ياء ) المتكلم تخفيفاً . قال ابن عطية قال أبو علي : وحذفها حسن لأنها في مَوْضِعِ تنوين وهي قد عاقبته فكما يحذف التنوين في الاسم المفرد المنادَى كذلك تحذف اليَاء هنا .

ومفاتحة خطابهم بنفي الخوف عنهم تأنيس لهم ومنة بإنجائهم من مثله وتذكيرٌ لهم بسبب مخالفة حالهم لِحال أهل الضلالة فإنهم يشاهدون ما يعامل به أهل الضلالة والفساد .

و { لا خوف } مرفوع منون في جميع القراءات المشهورة ، وإنما لم يفتح لأن الفتح على تضمين ( مِن ) الزائدة المؤكدة للعموم وإذ قد كان التأكيد مفيداً التنصيص على عدم إرادة نفي الواحد ، وكان المقام غير مقام التردد في نفي جنس الخوف عنهم لأنه لم يكن واقعاً بهم حينئذٍ مع وقوعه على غيرهم ، فأمارة نجاتهم منه واضحة ، لم يحتج إلى نصب اسم { لا } ، ونظيره قول الرابعة من نساء حديث أمّ زرع : زوجِي كَلَيْل تِهامهْ ، لا حَرٌّ ولا قُرٌّ ولا مخافةٌ ولا سآمهْ .

روايته برفع الأسماء الأربعة لأن انتفاء تلك الأحوال عن ليل تهامة مشهور ، وإنما أرادت بيان وجوه الشبه من قولها كليللِ تهامة .

وجيء في قوله : { ولا أنتم تحزنون } بالمسند إليه مخبراً عنه بالمسند الفِعلي لإفادة التقويّ في نفي الحزن عنهم ، فالتقوي أفاد تقوّي النفي لا نفي قوة الحزن الصادق بحزن غير قوي . هذا هو طريق الاستعمال في نفس صيغ المبالغة كما في قوله تعالى : { وما ربّك بظلامٍ للعبيد } [ فصلت : 46 ] ، تطميناً لأنفسهم بانتفاء الحزن عنهم في أزمنة المستقبل ، إذ قد يهجس بخواطرهم هل يدوم لهم الأمْن الذي هم فيه .