اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَٰعِبَادِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَآ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ} (68)

قوله : { يَا عِبَادي } قرأ أبو بكر عن عاصم : «يا عباديَ لاَ خَوْف » بفتح الياء . والأخوان وابن كثير وحفص بحذفها وصلاً ووقفاً{[50042]} . والباقون بإثباتها ساكنة . وقرأ العامة : لاَ خَوْفٌ بالرفع والتنوين إما مبتدأ وإما اسماً لها وهو قليل . وابن محَيْصِن دون تنوين على حذف مضاف وانتظاره أي لا خَوْف شيءٍ{[50043]} . والحسنُ وابنُ أبِي إسْحَاقَ بالفتح على لا التبرئة{[50044]} ، وهي عندهم أبلغ .

فصل

قد تقدم أن عادة القرآن جارية بتخصيص لفظ العباد بالمؤمنين المطيعين المتقين . وفيه أنواع كثيرة توجب الفرح :

أولها : أن الحق سبحانه وتعالى خاطبهم بنفسه من غير واسطةٍ .

وثانيها : أنه تعالى وصفهم بالعبودية من غير واسطة ، وهذا تشريف عظيم ، بدليل أنه تعالى لما أراد تشريف محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج قال : { سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً } [ الإسراء : 1 ] .

وثالثها : قوله : { لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليوم وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } فنفى عنهم الحزن بسبب فوت الدنيا الماضية{[50045]} .


[50042]:انظر معاني الفراء 3/37 والسبعة 588 والإتحاف 386 وهي قراءة متواترة.
[50043]:ذكرها أبو حيان في البحر المحيط 8/26.
[50044]:انظر المرجع السابق، والإتحاف 386.
[50045]:انظر تفسير الرازي 27/225.