في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ} (26)

( والذين يصدقون بيوم الدين ) . .

وهذه الصفة ذات علاقة مباشرة بموضوع السورة الرئيسي . وهي في الوقت ذاته ترسم خطا أساسيا في ملامح النفس المؤمنة . فالتصديق بيوم الدين شطر الإيمان . وهو ذو أثر حاسم في منهج الحياة شعورا وسلوكا . والميزان في يد المصدق بيوم الدين غير الميزان في يد المكذب بهذا اليوم أو المستريب فيه . ميزان الحياة والقيم والأعمال والأحداث . . المصدق بيوم الدين يعمل وهو ناظر لميزان السماء لا لميزان الأرض ، ولحساب الآخرة لا لحساب الدنيا ويتقبل الأحداث خيرها وشرها وفي حسابه أنها مقدمات نتائجها هناك ، فيضيف إليها النتائج المرتقبة حين يزنها ويقومها . . والمكذب بيوم الدين يحسب كل شيء بحسب ما يقع له منه في هذه الحياة القصيرة المحدودة ، ويتحرك وحدوده هي حدود هذه الأرض وحدود هذا العمر . ومن ثم يتغير حسابه وتختلف نتائج موازينه ، وينتهي إلى نتائج خاطئة فوق ما ينحصر في مساحة من المكان ومساحة من الزمان محدودة . . وهو بائس مسكين معذب قلق لأن ما يقع في هذا الشطر من الحياة الذي يحصر فيه تأملاته وحساباته وتقديراته ، قد لا يكون مطمئنا ولا مريحا ولا عادلا ولا معقولا ، ما لم يضف إليه حساب الشطر الآخر وهو أكبر وأطول . ومن ثم يشقى به من لا يحسب حساب الآخرة أو يشقى غيره من حوله . ولا تستقيم له حياة رفيعة لا يجد جزاءها في هذه الأرض واضحا . . ومن ثم كان التصديق باليوم الآخر شطر الإيمان الذي يقوم عليه منهج الحياة في الإسلام .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ} (26)

والتصديق بيوم الدين هو الإِيمان بوقوع البعث والجزاءِ ، و { الدينُ } : الجزاء . وهذا الوصف مقابل وصف الكافرين بقوله : { إنهم يرونه بعيداً } [ المعارج : 6 ] .

ولما كان التصديق من عمل القلب لم يتصور أن يكون فيه تفاوت أُتي بالجملة الفعلية على الأصل في صلة الموصول ، وأوثر فيها الفعل المضارع لدلالته على الاستمرار .