في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ} (46)

( وكنا نكذب بيوم الدين )وهذه أس البلايا . فالذي يكذب بيوم الدين تختل في يده جميع الموازين ، وتضطرب في تقديره جميع القيم ، ويضيق في حسه مجال الحياة ، حين يقتصر على هذا العمر القصير المحدود في هذه الأرض ؛ ويقيس عواقب الأمور بما يتم منها في هذا المجال الصغير القصير ، فلا يطمئن إلى هذه العواقب ، ولا يحسب حساب التقدير الأخير الخطير . . ومن ثم تفسد مقاييسه كلها ويفسد في يده كل أمر من أمور هذه الدنيا ، قبل أن يفسد عليه تقديره للآخرة ومصيره فيها . . وينتهي من ثم إلى شر مصير .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ} (46)

وأنهم كذبوا بالجزاء فلم يتطلبوا ما ينجيهم . وهذا كناية عن عدم إيمانهم ، سلكوا بها طريق الإِطناب المناسبَ لمقام التحسر والتلهف على ما فات ، فكأنهم قالوا : لأنا لم نكن من المؤمنين لأن أهل الإِيمان اشتهروا بأنهم أهل الصلاة ، وبأنهم في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ، وبأنهم يؤمنون بالآخرة وبيوم الدين ويصدقون الرسل وقد جمعها قوله تعالى في سورة البقرة ( 2 4 ) { هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون } .

وأصل الخوض الدخول في الماء ، ويستعار كثيراً للمحادثة المتكررة ، وقد اشتهر إطلاقه في القرآن على الجدال واللجاج غير المحمود قال تعالى : { ثم ذرهم في خوضهم يلعبون } [ الأنعام : 91 ] وغيرَ ذلك ، وقد جمع الإِطلاقين قوله تعالى : { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره } [ الأنعام : 68 ] .

وباعتبار مجموع الأسباب الأربعة في جوابهم فضلاً عن معنى الكناية ، لم يكن في الآية ما يدل للقائلين بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة .

ويوم الدين : يوم الجزاء والجزاء .