معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَسَتُبۡصِرُ وَيُبۡصِرُونَ} (5)

{ فستبصر ويبصرون } فسترى يا محمد ويرون -يعني أهل مكة- إذا نزل بهم العذاب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَسَتُبۡصِرُ وَيُبۡصِرُونَ} (5)

وبعد هذا الثناء الكريم على عبده يطمئنه إلى غده مع المشركين ، الذين رموه بذلك البهت اللئيم ؛ ويهددهم بافتضاح أمرهم وانكشاف بطلانهم وضلالهم المبين :

( فستبصر ويبصرون . بأيكم المفتون . إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) . .

والمفتون الذي يطمئن الله نبيه إلى كشفه وتعيينه هو الضال . أو هو الممتحن الذي يكشف الامتحان عن حقيقته . وكلا المدلولين قريب من قريب . . وهذا الوعد فيه من الطمأنينة لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وللمؤمنين معه ، بقدر ما فيه من التهديد للمناوئين له المفترين عليه . . أيا كان مدلول الجنون الذي رموه به . والأقرب إلى الظن أنهم لم يكونوا يقصدون به ذهاب العقل . فالواقع يكذب هذا القول . إنما كانوا يعنون به مخالطة الجنة له ، وإيحاءهم إليه بهذا القول الغريب البديع - كما كانوا يظنون أن لكل شاعر شيطانا هو الذي يمده ببديع القول ! - وهو مدلول بعيد عن حقيقة حال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وغريب عن طبيعة ما يوحى إليه من القول الثابت الصادق المستقيم .

وهذا الوعد من الله يشير إلى أن الغد سيكشف عن حقيقة النبي وحقيقة مكذبيه . ويثبت أيهم الممتحن بما هو فيه ؛ أو أيهم الضال فيما يدعيه . ويطمئنه إلى أن ربه ( هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) . . وربه هو الذي أوحى إليه ، فهو يعلم أنه المهتدي ومن معه . وفي هذا ما يطمئنه وما يقلق أعداءه ، وما يبعث في قلوبهم التوجس والقلق لما سيجيء !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَسَتُبۡصِرُ وَيُبۡصِرُونَ} (5)

وقوله : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } أي : فستعلم يا محمد ، وسيعلم مخالفوك ومكذبوك : من المفتون الضال منك ومنهم . وهذا كقوله تعالى : { سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ } [ القمر : 26 ] ، وكقوله : { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ } [ سبأ : 24 ] .

قال ابن جريج : قال ابن عباس في هذه الآية : ستعلم ويعلمون يوم القيامة .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : { بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } أي : الجنون . وكذا قال مجاهد ، وغيره . وقال قتادة وغيره : { بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } أي : أولى بالشيطان .

ومعنى المفتون ظاهر ، أي : الذي قد افتتن عن الحق وضل عنه ، وإنما دخلت الباء في قوله : { بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ } لتدل على تضمين الفعل في قوله : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } وتقديره : فستعلم ويعلمون ، أو : فستُخْبَر ويُخْبَرون بأيكم المفتون . والله أعلم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَسَتُبۡصِرُ وَيُبۡصِرُونَ} (5)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني سترى يا محمد ويرى أهل مكة إذا نزل بهم العذاب.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

فسترى يا محمد، ويرى مشركو قومك الذين يدعونك مجنونا،" بأَيّكُمُ المَفْتُونُ".

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{فَسَتبْصِرُ ويُبْصرُونَ} فيه وجهان:

أحدهما: فسترى ويرون يوم القيامة حين يتبين الحق والباطل...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

وفيه قولان:

منهم من حمل ذلك على أحوال الدنيا، يعني (فستبصر ويبصرون) الدنيا أنه كيف يكون عاقبة أمرك وعاقبة أمرهم، فإنك تصير معظما في القلوب، ويصيرون دليلين ملعونين.

ومنهم من حمله على أحوال الآخرة وهو كقوله: {سيعلمون غدا من الكذاب الأشر}.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما أقسم سبحانه على نفي ما بهتوه به ودل على ما وهبه له من كمال العقل وتمام الشرف والنبل تصريحاً وتلويحاً، فثبت غاية الثبات بإخبار العالم الحكيم، دل عليه بالمشاهدة على وجه هو من أعلام النبوة للحكم على المستقبل، فقال مسبباً عن صادق هذا الإخبار: {فستبصر} أي ستعلم يا أعلى الخلق وأشرفهم وأكملهم عن قريب بوعد لا خلف فيه، علماً أنت في تحققه كالمبصر بالحس الباصر. {ويبصرون} أي يعلم الذين رموك بالبهتان علماً هو كذلك.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وبعد هذا الثناء الكريم على عبده يطمئنه إلى غده مع المشركين، الذين رموه بذلك البهت اللئيم؛ ويهددهم بافتضاح أمرهم وانكشاف بطلانهم وضلالهم المبين: (فستبصر ويبصرون. بأيكم المفتون. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين).. والمفتون الذي يطمئن الله نبيه إلى كشفه وتعيينه هو الضال. أو هو الممتحن الذي يكشف الامتحان عن حقيقته. وكلا المدلولين قريب من قريب.. وهذا الوعد فيه من الطمأنينة لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] وللمؤمنين معه، بقدر ما فيه من التهديد للمناوئين له المفترين عليه.. أيا كان مدلول الجنون الذي رموه به. والأقرب إلى الظن أنهم لم يكونوا يقصدون به ذهاب العقل. فالواقع يكذب هذا القول. إنما كانوا يعنون به مخالطة الجنة له، وإيحاءهم إليه بهذا القول الغريب البديع -كما كانوا يظنون أن لكل شاعر شيطانا هو الذي يمده ببديع القول!- وهو مدلول بعيد عن حقيقة حال النبي [صلى الله عليه وسلم] وغريب عن طبيعة ما يوحى إليه من القول الثابت الصادق المستقيم. وهذا الوعد من الله يشير إلى أن الغد سيكشف عن حقيقة النبي وحقيقة مكذبيه. ويثبت أيهم الممتحن بما هو فيه؛ أو أيهم الضال فيما يدعيه. ويطمئنه إلى أن ربه (هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين).. وربه هو الذي أوحى إليه، فهو يعلم أنه المهتدي ومن معه. وفي هذا ما يطمئنه وما يقلق أعداءه، وما يبعث في قلوبهم التوجس والقلق لما سيجيئ!...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الفاء للتفريع على قوله: {مَا أنت بنعمة ربك بمجنون} [القلم: 2] باعتبار ما اقتضاه قوله {بنعمة ربك} [القلم: 2] من إبطال مقالة قيلت في شأنه قالها أعداؤه في الدين، ابتدأ بإبطال بهتانهم، وفرع عليه أنهم إذا نظروا الدلائل وتوسموا الشمائل علموا أي الفريقين المفتون أَهُم مفتونون بالانصراف عن الحق والرشد، أم هو باختلال العقل كما اختلقوا. والمقصود هو ما في قوله: {ويبصرون} ولكن أدمج فيه قوله: {فستبصر} ليتأتى بذكر الجانبين إيقاعُ كلام منصف (أي داع إلى الإِنصاف) على طريقة قوله: {وإنا أو إياكم لَعَلَى هُدى أو في ضلال مبين} [سبأ: 24] لأن القرآن يبلغ مسامعهم ويتلى عليهم...

فالمعنى: ستَرى ويَرَون رأيَ العين أيكم المفتون؛ فإن كان بمعنى العلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ذلك فالسين في قوله: {فستبصر} للتأكيد، وأما المشركون فسيرون ذلك، أي يعلمون آثار فتونهم وذلك فيما يرونه يوم بدر ويوم الفتح. وإن كان بمعنى البصر الحسي فالسين والتاء في كلا الفعلين للاستقبال. وضمير {يُبصرون} عائد إلى معلوم مقدر عند السامع وهم المشركون القائلون: هو مجنون...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ} ما يختزنه المستقبل القريب والبعيد، من انتصار الدعوة، وسلامة الحركة واستقامة الطريق، ورجاحة العقل، وعمق الحكمة في ما تدعو له وتقوده، في مقابل سقوط المعارضة، وخلل الفكرة، وسوء التدبير، وانحراف الطريق، وسوء العاقبة في ما قاموا به أو يقومون به من أعمال، وسيظهر للناس كلهم، في ذلك كله...