معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا} (103)

قوله تعالى : { فأراد أن يستفزهم } أي : أرد فرعون أن يستفز موسى وبني إسرائيل ، أي : يخرجهم { من الأرض } يعني : أرض مصر { فأغرقناه ومن معه جميعاً } ، ونجينا موسى وقومه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا} (103)

73

وعندئذ يلجأ الطاغية إلى قوته المادية ، ويعزم أن يزيلهم من الأرض ويبيدهم ، ( فأراد أن يستفزهم من الأرض ) فكذلك يفكر الطغاة في الرد على كلمة الحق .

وعندئذ تحق على الطاغية كلمة الله ، وتجري سنته بإهلاك الظالمين وتوريث المستضعفين الصابرين : ( فأغرقناه ومن معه جميعا ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا} (103)

وقوله : ( فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأرْضِ ) أي : يخليهم منها ويزيلهم{[17888]} عنها ( فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا * وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ ) وفي هذا بشارة لمحمد صلى الله عليه وسلم بفتح مكة مع أن السورة نزلت قبل الهجرة ، وكذلك وقع ؛ فإن أهل مكة هموا بإخراج الرسول منها ، كما قال تعالى : { وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا * سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا } [ الإسراء : 76 ، 77 ] ؛ ولهذا أورث الله رسوله{[17889]} مكة ، فدخلها عُنْوَة على أشهر القولين ، وقهر أهلها ، ثم أطلقهم حلمًا وكرمًا ، كما أورث الله القوم الذين كانوا يستضعفون من بني إسرائيل مشارق الأرض ومغاربها ، وأورثهم بلاد فرعون وأموالهم وزروعهم وثمارهم وكنوزهم ، كما قال : { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ } [ الشعراء : 59 ]


[17888]:في ت: "ويرسلهم".
[17889]:في ت: "ورسوله".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا} (103)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزّهُم مّنَ الأرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مّعَهُ جَمِيعاً * وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } .

يقول تعالى ذكره : فأراد فرعون أن يستفزّ موسى وبني إسرائيل من الأرض ، فَأَغْرَقْناهُ في البحر ، وَمَن مَعَهُ من جنده جَمِيعا ، ونجّينا موسى وبني إسرائيل ، وقلنا لهم مِنْ بَعْدِ هلاك فرعون اسْكُنُوا الأرْضَ أرض الشام فإذَا جاءَ وَعْدُ الاَخَرِةِ جئْنا بكُمْ لَفيفا يقول : فإذا جاءت الساعة ، وهي وعد الاَخرة ، جئنا بكم لفيفا : يقول : حشرناكم من قبوركم إلى موقف القيامة لفيفا : أي مختلطين قد التفّ بعضكم على بعض ، لا تتعارفون ، ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته وحيّه ، من قولك : لففت الجيوش : إذا ضربت بعضها ببعض ، فاختلط الجميع ، وكذلك كلّ شيء خُلط بشيء فقد لُفّ به .

وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن ابن أبي رَزِين جِئْنا بِكُمْ لَفِيفا قال : من كلّ قوم .

وقال آخرون : بل معناه : جئنا بكم جميعا . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : جِئْنا بِكُمْ لَفِيفا قال : جميعا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد جِئْنا بِكُمْ لَفِيفا جميعا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله فإذَا جاءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفا : أي جميعا ، أولكم وآخركم .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله جِئْنا بِكُمْ لَفِيفا قال : جميعا .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله جِئْنا بِكُمْ لَفِيفا يعني جميعا . ووحّده اللفيف ، وهو خبر عن الجميع ، لأنه بمعنى المصدر كقول القائل : لفقته لفّا ولفيفا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا} (103)

أكملت قصة المثل بما فيه تعريض بتمثيل الحالين إنذاراً للمشركين بأن عاقبة مكرهم وكيدهم ومحاولاتهم صائرة إلى ما صار إليه مكر فرعون وكيده ، ففرع على تمثيل حالي الرسالتين وحالي المرسل إليهما ذكر عاقبة الحالة الممثل بها نذارة للممثلين بذلك المصير .

فقد أضمر المشركون إخراج النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين من مكة ، فمثلت إرادتهم بإرادة فرعون إخراج موسى وبني إسرائيل من مصر ، قال تعالى : { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا } [ الإسراء : 76 ] .

والاستفزاز : الاستخفاف ، وهو كناية عن الإبعاد . وتقدم عند قوله تعالى : { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض } في هذه السورة [ الإسراء : 76 ] .

والمراد بمن معه جنده الذين خرجوا معه يتبعون بني إسرائيل .

والأرض الأولى هي المعهودة وهي أرض مصر .