فهذا قدامهم ، والحال أنهم في الدنيا في غفلة عن هذا الأمر العظيم لا يخطر بقلوبهم ، ولو خطر فعلى سبيل الغفلة ، قد عمتهم الغفلة ، وشملتهم السكرة ، فهم لا يؤمنون بالله ، ولا يتبعون رسله ، قد ألهتهم دنياهم ، وحالت بينهم وبين الإيمان شهواتهم المنقضية الفانية .
فالدنيا وما فيها ، من أولها إلى آخرها ، ستذهب عن أهلها ، ويذهبون عنها ، وسيرث الله الأرض ومن عليها ، ويرجعهم إليه ، فيجازيهم بما عملوا فيها ، وما خسروا فيها أو ربحوا ، فمن فعل خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك ، فلا يلومن إلا نفسه .
وقوله : { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } يخبر تعالى أنه الخالق المالك المتصرف ، وأن الخلق كلهم يهلكون ويبقى هو ، تعالى وتقدس ولا أحد يَدّعي مُلْكا ولا تصرفًا ، بل هو الوارث لجميع خلقه ، الباقي بعدهم ، الحاكم فيهم ، فلا تظلم نفس شيئًا ولا جناح بعوضة ولا مثقال ذرة .
قال ابن أبي حاتم : ذكر هدبة بن خالد القيسي : حدثنا حزم بن أبي حزم القُطَعي قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن صاحب الكوفة : أما بعد ، فإن الله كتب على خلقه حين خلقهم الموت ، فجعل مصيرهم إليه ، وقال فيما أنزل من كتابه الصادق الذي حفظه بعلمه ، وأشهد ملائكته على خلقه : أنه يرث الأرض ومن عليها ، وإليه يرجعون .
وقوله { نرث } ، تجوز وعبارة عن فناء المخلوقات وبقاء الخالق فكأنها وراثة ، وقرأ عاصم ونافع وأبو عمرو والحسن والأعمش «يرجعون » بالياء ، وقرأ الأعرج «ترجعون » بالتاء من فوق ، وقرأ أبو عبد الرحمن وابن أبي إسحاق وعيسى «يرجِعون » بالياء من تحت مفتوحة وكسر الجيم ، وحكى عنهم أبو عمرو والداني «ترجعون » بالتاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.