{ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ } الذي يلزمه القيام به من النفقات الواجبة ، والكفارات والزكوات وغير ذلك ، { مُعْتَدٍ } على الخلق في ظلمهم ، في الدماء والأموال والأعراض{[1192]} { أَثِيمٍ } أي : كثير الإثم والذنوب المتعلقة في حق الله تعالى .
{ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } أي : هو شديد المنع لكل ما فيه خير ، ولكل من يستحقه ، خصوصا إذا كان من يستحقه من المؤمنين .
ثم هو بعد ذلك { مُعْتَدٍ } أي : كثير العدوان على الناس ، { أَثِيمٍ } أي : مبالغ في ارتكابه للآثام ، لا يترك سيئة دون أن يرتكبها .
وقد جاءت صفات الذم السابقة بصيغة المبالغة ، للإِشعار برسوخه فيها ، وباقترافه لها بسرعة وشدة .
وهو مناع للخير . . يمنع الخير عن نفسه وعن غيره . ولقد كان يمنع الإيمان وهو جماع الخير . وعرف عنه أنه كان يقول لأولاده وعشيرته ، كلما آنس منهم ميلا إلى النبي [ صلى الله عليه وسلم ] : لئن تبع دين محمد منكم أحد لا أنفعه بشيء أبدا . فكان يمنعهم بهذا التهديد عن الإسلام . ومن ثم سجل القرآن عليه هذه الصفة ( مناع للخير )فيما كان يفعل ويقول .
وهو معتد . . متجاوز للحق والعدل إطلاقا . ثم هو معتد على النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وعلى المسلمين وعلى أهله وعشيرته الذين يصدهم عن الهدى ويمنعهم من الدين . . والاعتداء صفة ذميمة تنال من عناية القرآن والحديث اهتماما كبيرا . . وينهى عنها الإسلام في كل صورة من صورها ، حتى في الطعام والشراب : " كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه " . . لأن العدل والاعتدال طابع الإسلام الأصيل .
وهو أثيم . . يرتكب المعاصي حتى يحق عليه الوصف الثابت . ( أثيم ) . . بدون تحديد لنوع الآثام التي يرتكبها . فاتجاه التعبير إلى إثبات الصفة ، وإلصاقها بالنفس كالطبع المقيم !
{ منّاع } : شديد المنع . والخير : المال ، أي شحيح ، والخير من أسماء المال قال تعالى : { وإِنه لحُب الخير لشديد } [ العاديات : 8 ] وقال : { إنْ تَرَكَ خَيْراً } [ البقرة : 180 ] ، وقد روعي تماثل الصيغة في هذه الصفات الأربع وهي { حَلاّففٍ ، هَمّازٍ ، مشَّاءٍ ، منَّاعٍ } وهو ضرب من محسن الموازنة .
والمراد بمنع الخير : منعه عمن أسلَمَ من ذويهم وأقاربهم ، يقول الواحد منهم لمن أسلم من أهله أو مواليه : من دخل منكم في دين محمد لا أنفعه بشيء أبداً ، وهذه شنشنة عرفوا بها من بعد ، قال الله تعالى في شأن المنافقين { هم الذين يقولون لا تنفقوا على مَن عند رسول الله حتى ينفضّوا } [ المنافقون : 7 ] . وأيضاً فمِن منعِ الخير ما كان أهل الجاهلية يعطون العطاء للفخر والسمعة فلا يعطون الضعفاء وإنما يعطون في المجامع والقبائل قال تعالى : { ولا يَحُضّون على طعام المسكين } [ الفجر : 18 ] . قيل : كان الوليد بن المغيرة ينفق في الحج في كل حجة عشرين ألفاً يطعم أهلَ مِنى ، ولا يعطي المسكين درهماً واحداً .
هما مذمتان سادسة وسابعة قرن بينهما لمناسبة الخصوص والعموم .
والاعتداء : مبالغة في العُدوان فالافتعال فيه للدلالة على الشدة .
والأثيم : كثير الإِثم ، وهو فعيل من أمثلة المبالغة قال تعالى : { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم } [ الدخان : 4344 ] . والمراد بالإِثم هنا ما يعد خطيئة وفساداً عند أهل العقول والمروءة وفي الأديان المعروفة .
قال أبو حيان : وجاءت هذه الصفات صفات مبالغة ونوسب فيها فجاء { حَلاّف } [ القلم : 10 ] وبعده { مَهين } [ القلم : 10 ] لأن النون فيها تواخِ مع الميم ، أي ميم { أثيم } ، ثم جاء { همَّاز مشّاء } [ القلم : 11 ] بصفتي المبالغة ، ثم جاء { منّاع للخَير معتد أثيم } صفات مبالغة ا ه . يريد أن الافتعال في { معتدِ } للمبالغة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.