اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مَّنَّاعٖ لِّلۡخَيۡرِ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

وأما قوله «منَّاعٍ للخَيْرِ » أي : للمال أن ينفق في وجوهه .

وقال ابن عباس : يمنع عن الإسلام ولده وعشيرته{[57572]} .

قيل : كان للوليد بن المغيرة عشرةٌ من الولد ، وكان يقول لهم ولأقاربه : من تبع منكم محمداً منعته رفدي .

وقال الحسنُ : يقول لهم : من دخل منكم في دين محمد لا أنفعه بشيء أبداً{[57573]} .

وقوله «مُعْتَدٍ » أي : على الناس في الظلم ، متجاوز للحد ، صاحب باطل ، وقوله «أثيمٍ » أي : ذا إثمٍ ، ومعناه «أثُوم » ، فهو «فعيل » بمعنى «فَعُول » .

قال البغوي{[57574]} : «أثيم فاجر » . وأما العتل فتقدم الكلام عليه في اللغة .

وقال - عليه الصلاة والسلام - : «ألا أخْبرُكمْ بأهْلِ الجنَّةِ ؟ قالوا : بَلَى ، قال : كُلُّ ضعيفٍ مُتضعَّفٍّ ، لَوْ أقسمَ على اللَّهِ لأبرَّهُ ، ألا أخْبركُمْ بأَهْلِ النَّارِ ؟ قالوا : بَلَى ، قال : كُل عُتُلٍّ جواظٍ مستكبرٍ »{[57575]} وفي رواية : «كُلُّ جوَّاظٍ زَنيمٍ مُستَكْبرٍ » .

«الجوَّاظ » الجموع المنوع .

وقيل : الكثير اللحم ، المختال في مشيته .

وقيل : القصير البطين .

وذكر الماورديُّ{[57576]} عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا يَدخُل الجنَّة جوَّاظ ولا جَعْظَرِي ولا العُتلُ الزَّنِيمُ »{[57577]} .

وقال صلى الله عليه وسلم : «الجوَّاظ : الذي جمع ومنع ، والجعظري : الفظ الغليظ المتكبر »{[57578]} .

قال ابن الأثير{[57579]} : «وقيل : هو الذي ينتفخ بما ليس عنده ، وفيه قصر » .

قال القرطبيُّ{[57580]} : وقال - عليه الصلاة والسلام - : «الشَّدِيدُ الخُلقِ ، الرَّحيبُ الجوْفِ ، المصحُّ الأكولُ ، الشَّروبُ ، الواجدُ للطعامِ ، الظَّلُومُ للنَّاسِ »{[57581]} .


[57572]:ينظر القرطبي (18/152).
[57573]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/378).
[57574]:ينظر: معالم التنزيل 4/378.
[57575]:أخرجه البخاري 10/504 كتاب الأدب، باب الكبر (6071) ومسلم 4/2190 كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب: النار يدخلها الجبارون (46-2853).
[57576]:ينظر النكت والعيون 6/64.
[57577]:أخرجه أبو داود رقم (4801) من حديث ابن مسعود.
[57578]:أخرجه أحمد (4/227) من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم مرفوعا. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/131) وقال: رواه أحمد وفيه شهر وثقه جماعة وفيه ضعف وعبد الرحمن بن غنم ليس له صحبة على الصحيح. والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/393) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر من طريق شهر.
[57579]:ينظر: النهاية 1/176.
[57580]:ينظر: الجامع لأحكام القرآن 18/152.
[57581]:تقدم.