وقوله : { وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } اختلف المفسرون في ذلك ، وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي{[29906]} حدثنا عُبَيد الله - يعني ابن موسى - حدثنا موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد بن صفوان بن أوس الأنصاري ، عن عبد الله بن رافع ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ } يوم القيامة { وَشَاهِدٍ } يوم الجمعة . وما طلعت شمس ولا غربت على يوم أفضل من يوم الجمعة ، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه ، ولا يستعيذ فيها من شر إلا أعاذه ، { وَمَشْهُودٍ } يوم عرفة " {[29907]} .
وهكذا روى هذا الحديث ابن خُزَيمة ، من طرق عن موسى بن عُبَيدة الربذي - وهو ضعيف الحديث - وقد روي موقوفا على أبي هريرة ، وهو أشبه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد ، حدثنا شعبة ، سمعت علي بن زيد ويونس بن عبيد يحدثان عن عمار - مولى بني هاشم - عن أبي هريرة - أما عليّ فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما يونس فلم يَعْدُ أبا هريرة - أنه قال في هذه الآية : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال : يعني الشاهدَ يومُ الجمعة ، ويوم مشهود يوم القيامة{[29908]} .
وقال أحمد أيضا : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن يونس ، سمعت عمارًا - مولى بني هاشم - يحدث عن أبي هريرة وأنه قال في هذه الآية : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة ، والموعود يوم القيامة{[29909]} .
وقد رُوي عن أبي هريرة أنه قال : اليوم الموعود يوم القيامة . وكذلك قال الحسن ، وقتادة ، وابن زيد . ولم أرهم يختلفون في ذلك ، ولله الحمد .
ثم قال ابن جرير : حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثنا ضَمْضَم بن زُرْعَة ، عن شُرَيح بن{[29910]} عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اليوم الموعود يوم القيامة ، وإن الشاهد يوم الجمعة ، وإن المشهود يوم عرفة ، ويوم الجمعة ذخره الله لنا " {[29911]} .
ثم قال ابن جرير : حدثنا سهل بن موسى الرازي ، حدثنا ابن أبي فُدَيْك ، عن ابن حرملة ، عن سعيد بن المسَيَّب أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن سيد الأيام يوم الجمعة ، وهو الشاهدُ ، والمشهود يوم عرفة " {[29912]} .
وهذا مرسل من مراسيل سعيد بن المسيَّب ، ثم قال ابن جرير :
حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا وكيع ، عن شعبة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف المكي ، عن ابن عباس قال : الشاهد هو محمد صلى الله عليه وسلم ، والمشهود يوم القيامة ، ثم قرأ : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } {[29913]} [ هود : 103 ] .
وحدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن شباك قال : سأل رجل الحسن بن علي عن : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال : سألت أحدًا قبلي ؟ قال : نعم ، سألت ابن عمر وابن الزبير ، فقالا يوم الذبح ويوم الجمعة . فقال : لا ولكن الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم . ثم قرأ : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا } [ النساء : 41 ] ، والمشهود يوم القيامة ، ثم قرأ : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } {[29914]} .
وهكذا قال الحسن البصري . وقال سفيان الثوري ، عن ابن حرملة ، عن سعيد بن المسيب : { وَمَشْهُودٍ } يوم القيامة .
وقال مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك : الشاهد : ابن آدم ، والمشهود : يوم القيامة .
وعن عكرمة أيضا : الشاهد : محمد صلى الله عليه وسلم ، والمشهود : يوم الجمعة .
[ وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الشاهد : الله ، والمشهود : يوم القيامة ]{[29915]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دُكَيْن ، حدثنا سفيان ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال : الشاهد : الإنسان . والمشهود : يوم الجمعة . هكذا رواه ابن أبي حاتم .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مِهْران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } الشاهد : يوم عرفة ، والمشهود : يوم القيامة .
وبه عن سفيان - هو الثوري - عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : يوم الذبح ، ويوم عرفة ، يعني الشاهد والمشهود .
قال ابن جرير : وقال آخرون : المشهود يوم الجمعة . ورووا في ذلك ما حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثني عمي عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أيمن ، عن عبادة بن نُسَيّ ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة ، فإنه يوم مشهود ، تشهده الملائكة " {[29916]} .
وعن سعيد بن جبير : الشاهد : الله ، وتلا { وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } [ النساء : 79 ] ، والمشهود :
نحن . حكاه البغوي ، وقال : الأكثرون على أن الشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود : يوم عرفة .
{ واليوم الموعود } هو يوم القيامة باتفاق ، قاله النبي صلى الله عليه وسلم{[11719]} ، ومعناه : الموعود به