ثم حكى - سبحانه - ما فعله إبراهيم بالأصنام بعد أن انفرد بها فقال : { فَرَاغَ إلى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ } .
وأصل الروغ : الميل إلى الشئ بسرعة على سبيل الاحتيال . يقال : راغ فلان نحو فلان . إذا مال إليه لأمر يريده منه على سبيل الاحتيال .
أى : فذهب إبراهيم مسرعاً إلى الأصنام بعد أن تركها القوم وانصرفوا إلى عبدهم ، فقال لها على سبيل التهكم والاستهزاء : أيتها الأصنام ألا تأكلين تلك الأطعمة التى قدمها لك الجاهلون على سبيل التبرك ؟
وخاطبها كما يخاطب من يعقل فقال : { أَلا تَأْكُلُونَ } ، لأن قومه أنزلوها تلك المنزلة .
وقوله : فَرَاغَ إلى آلِهَتِهمْ يقول تعالى ذكره : فمال إلى آلهتهم بعد ما خرجوا عنه وأدبروا وأرى أن أصل ذلك من قولهم : راغ فلان عن فلان : إذا حاد عنه ، فيكون معناه إذا كان كذلك : فراغ عن قومه والخروج معهم إلى آلهتهم كما قال عديّ بن زيد :
حِينَ لا يَنْفَعُ الرّوَاغُ وَلا يَنْ *** فَعُ إلاّ المُصَادِقُ النّحْرِيرُ
يعني بقوله : «لا ينفع الرّواغ » : الحِياد . أما أهل التأويل فإنهم فسّروه بمعنى فمَال . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَرَاغَ إلى آلِهَتِهِم : أي فمال إلى آلهتهم ، قال : ذهب .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدّيّ قوله : فَرَاغَ إلى آلِهَتِهِمْ قال : ذهب .
وقوله : فَقالَ ألاَ تأكُلُونَ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ هذا خبر من الله عن قيل إبراهيم للاَلهة وفي الكلام محذوف استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره ، وهو : فقرّب إليها الطعام فلم يرها تأكل ، فقال لها : ألا تَأْكُلُونَ فلما لم يرها تأكل قال لها : مالكم لا تأكلون ، فلم يرها تنطق ، فقال لها : ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ مستهزئا بها ، وكذلك ذكر أنه فعل بها ، وقد ذكرنا الخبر بذلك فيما مضى قبلُ . وقال قتادة في ذلك ما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَقالَ ألاَ تَأْكُلونَ يستنطقهم مالَكُمْ لا تَنْطِقُونَ ؟ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.