هذا القول متعين لأن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم مأموراً بأن يواجه به المشركين الذين كانوا يحاولون النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك الدعوة وأن يتابع دينهم . وهما أحد الشقين اللذين وجّه الخطاب السابق إليهما ، وتعيينُ كلّ لما وجّه إليه منطوٍ بقرينة السياق وقرينةِ ما بعده من قوله : { فاعبدوا ما شِئْتُم من دُونِه } [ الزمر : 15 ] .
وإعادة الأمر بالقول على هذا للتأكيد اهتماماً بهذا المقول ، وأمّا على الوجه الثاني من الوجهين المتقدمين في المراد من توجيه المطلب في قوله : { إِني أُمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين } [ الزمر : 11 ] الآية فتكون إعادة فعل { قل } لأجل اختلاف المقصودين بتوجيه القول إليهم ، وقد تقدم قول مقاتل : قال كفار قريش للنبيء : ما يحملك على هذا الدين الذي أتيتنا به ألاَ تنظر إلى ملة أبيك وجدك وسادات قومك يعبدون الّلاتَ والعزّى .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{قل} لهم {إني أخاف إن عصيت ربي} فرجعت إلى ملة آبائي {عذاب يوم عظيم}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله تعالى:"قُلْ إنّي أخافُ إنْ عَصَيْتُ رَبّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ": يقول تعالى ذكره: قال يا محمد لهم إني أخاف إن عصيت ربي فيما أمرني به من عبادته، مخلصا له الطاعة، ومفرده بالربوبية، "عذابَ يومٍ عَظِيمٍ": يعني عذاب يوم القيامة، ذلك هو اليوم الذي يعظم هوله.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{أخاف إن عصيت} فعل معلق بشرط وهو العصيان، وقد علم أنه عليه السلام معصوم منه، ولكنه خطاب للأمة يعمهم حكمه ويحفهم وعيده...
لما بين الله تعالى أمره بالإخلاص بالقلب وبالأعمال المخصوصة، وكان الأمر يحتمل الوجوب ويحتمل الندب، بين أن ذلك الأمر للوجوب فقال: {قل إني أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم} وفيه فوائد:...
الفائدة الأولى: أن الله أمر محمدا صلى الله عليه وسلم أن يجري هذا الكلام على نفسه، والمقصود منه المبالغة في زجر الغير عن المعاصي؛ لأنه مع جلالة قدره وشرف نبوته إذا وجب أن يكون خائفا حذرا عن المعاصي فغيره بذلك أولى...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{إن عصيت ربي} أي المحسن إليّ المربي لي بكل جميل فتركت الإخلاص له.
{عذاب يوم عظيم} وإذا كان اليوم عظيماً، فكيف يكون عذابه...
تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :
إسناد العظم الى اليوم؛ لعظم ما فيه من الهول مجاز عقلي، أو من تسمية المحل باسم الحال، والمحل يوم القيامة وهو زمان...
سبحان الله، أيقول رسول الله {إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} فكأنه يقول: أنا لم آخذ هذه المنزلة حكماً مطلقاً أنني نبي مُكرَّم، بل أنا كعامة الناس إنْ عصيتُ ربي تعرضتُ للعقاب، يعني تقديم الله لي أولاً واصطفاؤه لي لا يشفع لي إنْ حدثتْ مني معصية.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
الله لا يفرّق في عقابه للذين يتمردون على أوامره ونواهيه، بين شخص وآخر، فكما يعذب الناس العاديين على معصيته، فإنه يعذب الرسل لو حدث منهم ما يشابه ذلك؛ لأن الله لا يرتبط بأحدٍ من خلقه بأية علاقةٍ خاصة إلا من خلال العمل.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.