معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِيٓ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (71)

قوله تعالى : { قال هؤلاء بناتي } أزوجهن إياكم إن أسلمتم ، فأتوا الحلال ودعوا الحرام ، { إن كنتم فاعلين } ، ما آمركم به . وقيل : أراد بالبنات نساء قومه لأن النبي كالوالد لأمته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِيٓ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (71)

{ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } .

والمراد ببناته هنا : زوجاتهم ونساؤهم اللائى يصلحن للزواج . وأضافهن إلى نفسه لأن كل نبى أب لأمته من حيث الشفقة والرعاية وحسن التربية .

قال ابن كثير ما ملخصه : يرشد لوطا - عليه السلام - قومه إلى نسائهم فإن النبى للأمة بمنزلة الوالد ، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم ، كما قال - تعالى - في آية أخرى : { أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } وقيل المراد ببناته هنا : بناته من صلبه ، وأنه عرض عليهم الزواج بهن .

ويضعف هذا الرأى أن لوطا - عليه السلام - كان له بنتان أو ثلاثة كما جاء في بعض الروايات ، وعدد المتدافعين من قومه إلى بيته كان كثيرًا ، كما يرشد إليه قوله - تعالى - { وَجَآءَ أَهْلُ المدينة يَسْتَبْشِرُونَ } فكيف تكفيهم بنتان أو ثلاثة للزواج بهن ؟

قال الإِمام الرازى في ترجيح الرأى الأول ما ملخصه : " وهذا القول عندى هو المختار ، ويدل عليه وجوه منها : أنه قال هؤلاء بناتى . . وبناته اللاتى من صلبه لا تكفى هذا الجمع العظيم ، أما نساء أمته ففيهم كفاية للكل ، ومنها : أنه صحت الرواية أنه كان له بنتان وهما : " زنتا وزاعورا " وإطلاق لفظ البنات على البنتين لا يجوز ، لما ثبت أن أقل الجمع ثلاثة " .

والمعنى : أن لوطا - عليه السلام - لما رأى هيجان قومه ، وإصرارهم على ارتكاب الفاحشة مع ضيوفه ، قال لهم على سبيل الإِرشاد إلى ما يشبع الفطرة السليمة : يا قوم هؤلاء نساؤكم اللاتى هن بمنزلة بناتى ، فاقضوا معهن شهوتكم إن كنتم فاعلين لما أرشدكم إليه من توجيهات وآداب .

وعبر بإن في قوله { إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } لشكه في استجابتهم لما يدعوهم إليه فكأنه يقول لهم : إن كنتم فاعلين لما أطلبه منكم ، وما أظنكم تفعلونه لانتكاس فطرتكم ، وانقلاب أمزجتكم . .

وجواب الشرط محذوف ، أى : إن كنتم فاعلين ما أرشدكم إليه فهو خير لكم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِيٓ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (71)

49

ويمضي لوط في محاولته يلوح لهم باتجاه الفطرة السليم إلى الجنس الآخر . إلى الإناث اللواتي جعلهن الله لتلبية هذا الدافع العميق في نظام الحياة ؛ ليكون النسل الذي تمتد به الحياة وجعل تلبية هذا الدافع معهن موضع اللذة السليمة المريحة للجنسين معا - في الحالات الطبيعية - ليكون هذا ضمانا لامتداد الحياة ، بدافع من الرغبة الشخصية العميقة . . يمضي لوط في محاولته هذه :

( قال : هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين ) . .

ولوط النبي لا يعرض بناته على هؤلاء الفجار ليأخذوهن سفاحا . إنما هو يلوح لهم بالطريق الطبيعي الذي ترضاه الفطرة السليمة ، لينبه فيهم هذه الفطرة . وهو يعلم أنهم إن ثابوا إليها فلن يطلبوا النساء سفاحا . فهو مجرد هتاف للفطرة السليمة في نفوسهم لعلها تستيقظ على هذا العرض الذي هم عنه معرضون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِيٓ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (71)

فقالوا له مجيبين : { أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ } أي : أو ما نهيناك أن تضيف أحدًا ؟ فأرشدهم إلى نسائهم ، وما خلق لهم ربهم منهن من الفروج المباحة . وقد تقدم أيضا القول في ذلك ، بما أغنى عن إعادته .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِيٓ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (71)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصّيْحَةُ مُشْرِقِينَ } .

يقول تعالى ذكره : قال لوط لقومه : تزوّجوا النساء فأتوهنّ ، ولا تفعلوا ما قد حرم الله عليكم من إتيان الرجال ، إن كنتم فاعلين ما آمركم به ومنهين إلى أمري كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : قالَ هَولاءِ بنَاتِي إنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ : أمرهم نبيّ الله لوط أن يتزوّجوا النساء ، وأراد أن يَقِيَ أضيافه ببناته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِيٓ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (71)

وقول لوط عليه السلام { هؤلاء بناتي } اختلف في تأويله ، فقيل أراد نساء أمته لأن زوجات النبيين أمهات الأمم وهو أبوهم فالنساء بناته في الحرمة والمراد بالتزويج ، ويلزم هذا التأويل أن يكون في شرعه جواز زواج الكافر للمؤمنة ، وقد ورد أن المؤمنات به قليل جداً ، وقيل إنما أراد بنات صلبه ودعا إلى التزويج أيضاً قاله قتادة ويلزم هذا التأويل أيضاً ما لزم المتقدم في ترتيبنا .

قال القاضي أبو محمد : ويحتمل أن يريد بقوله عليه السلام هؤلاء بناتي بنات صلبه ، ويكون ذلك على طريق المجاز ، وهو لا يحقق في إباحة بناته وهذا كما تقول لإنسان تراه يريد قتل آخر اقتلني ولا تقتله فإنما ذلك على جهة التشنيع عليه والاستنزال من جهة ما واستدعاء الحياء منه ، وهذا كله من مبالغة القول الذي لا يدخله معنى الكذب بل الغرض منه مفهوم ، وعليه قول النبي عليه السلام

«ولو كمفحص قطاة »{[1]} ، إلى غير هذا من الأمثلة و «العَمر » و «العُمر » بفتح العين وضمها واحد ، وهما مدة الحياة ، ولا يستعمل في القسم إلا بالفتح ، وفي هذه الآية شرف لمحمد عليه السلام لأن الله تعالى أقسم بحياته ولم يفعل ذلك مع بشر سواه ، قاله ابن عباس .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِيٓ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (71)

عرض عليهم بناته ظناً أن ذلك يردعهم ويطفىء شبقهم . ولذلك قال : { إن كنتم فاعلين } .

وقد تقدم في سورة هود معنى عرضه بناته ، وأن قوله : { بناتي } يجوز أن يراد به بنات صلبه وكنّ اثنتين أو ثلاثاً ، ويجوز أن يراد به بنات القوم كلهم تنزيلاً لهم منزلة بناته لأن النبي كأب لأمّته .