ثم أضرب - سبحانه - عما تقدم إلى بيان حالهم يوم القيامة فقال : { بَلْ هُمُ اليوم مُسْتَسْلِمُونَ } .
والاستسلام : أصله طلب السلامة ، والمراد به هنا : الانقياد التام ، والخضوع المطلق ، يقال : استسلم العدو لعدوه ، إذا انقاد له وخضع لأمره .
أى : ليسوا فى هذا اليوم بقادرين على التناصر ، بل هم اليوم خاضعون ومستسلمون ، لعجزهم عن أى حيلة تنقذهم مما هم فيه من بلاء .
وقوله : مالَكُمْ لا تَناصَرُونَ يقول : مالكم أيها المشركون بالله لا ينصر بعضكم بعضا بَلْ هُمُ اليوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ يقول : بل هم اليوم مستسلمون لأمر الله فيهم وقضائه ، موقنون بعذابه ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ لا والله لا يتناصرون ، ولا يدفع بعضهم عن بعض بَلْ هُمُ اليَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ في عذاب الله .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يقول الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: {بل هم اليوم مستسلمون} للعذاب.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"بَلْ هُمُ اليوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ" يقول: بل هم اليوم مستسلمون لأمر الله فيهم وقضائه، موقنون بعذابه...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
يخبر عن إياسهم من نصر ما عبدوا على رجاء النصر لهم والشفاعة بقوله: {بل هم اليوم مستسلمون} أي خاضعون، ذليلون لله لمّا علموا ألا يكون النصر والعون إلا منه، فعند ذلك يستسلمون له.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
قد أسلم بعضهم بعضاً وخذله عن عجز، فكلهم مستسلم غير منتصر...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان قد دهمهم من الأمر ما أوجب إبلاسهم، وأحدّ إدراكهم وإحساسهم، أشار إلى ذلك بإحلالهم في محل الغيبة المؤذنة بالإبعاد بأن قال مضرباً عما تقديره: إنهم لا يتناصرون: {بل هم} وزاد في تعظيم ذلك الوقت والتذكير به فقال: {اليوم مستسلمون} أي ثابت لهم استسلامهم ثباتاً لا زوال له، قد خذل بعضهم بعضاً موجدين الإسلام أي الانقياد، إيجاد من كأنه يطلبه ويعظم فيه رغبته، رجاء أن يخفف ذلك عنهم...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
ذكر أنهم لا ينازعون في الوقوف ولا في غيره، بل ينقادون فقال: {بل هم اليوم مستسلمون}، فلا فائدة في المنازعة، ولا سبيل إلى الجدل والمخاصمة.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الاستسلام: الإِسلام القوي، أي إسلام النفس وترك المدافعة فهو مبالغة في أسلم. وذكر {اليَوْمَ} لإِظهار النكاية بهم، أي زال عنهم ما كان لهم من تناصر وتطاول على المسلمين قبل اليوم، أي في الدنيا، إذ كانوا يقولون: {نحن جميع منتصر} [القمر: 44]
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.