التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (81)

وقوله : { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين } تعليل لما منحه - سبحانه - لعبده نوح من نعم وفضل وإجابة دعاء .

أى : مثل ذلك الجزاء الكريم الذى جازينا به نوحا - عليه السلام - نجازى كل من كان محسنا فى أقواله وأفعاله .

وإن عبدنا نوحا قد كان من عبادنا الذين بلغو درجة الكمال فى إيمانهم وإحسانهم .

قال صاحب الكشاف : قوله : { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين } أى من الأمم هذه الكلمة ، وهى : " سلام على نوح " يعنى : يسلمون عليه تسليما ويدعون له . فإن قلت : فما معنى قوله : { فِي العالمين } .

قلت : معناه الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعا ، وأن لا يخلو أحد منهم منها ، كأنه قيل : ثبت الله التسليم على نوح وأدامه فى الملائكة والثقلين ، يسلمون عليه عن آخرهم .

علل - سبحانه - مجازاة نوح بتلك التكرمة السنية ، من تبقية ذكره ، وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر ، بأنه كان محسناً ، ثم علل كونه محسناً ، بأنه كان عبداً مؤمناً ، ليريك جلالة محل الإِيمان ، وأنه لقصارى من صفات المدح والتعظيم ، ويرغبك فى تحصيله وفى الازدياد منه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (81)

69

أما مظهر الإحسان وسبب الجزاء فهو الإيمان : ( إنه من عبادنا المؤمنين ) . .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (81)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"إنّهُ مِنْ عِبادِنا المُؤْمِنِينَ" يقول: إن نوحا من عبادنا الذين آمنوا بنا، فوحدونا، وأخلصوا لنا العبادة، وأفردونا بالألوهة.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

العباد جمع عبد، وهو الذليل لملكه بالعبودية، والخلق كلهم عباد الله فمنهم عابد له ومنهم عابد لغيره، تضييعا منهم لحق نعمه وجهلا بما يجب له عليهم.

المؤمن هو المصدق بجميع ما أوجب الله عليه أو ندبه إليه، وقال قوم: هو العامل بجميع ما أوجب الله عليه العامل بما يؤمنه من العقاب.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

علل كونه محسناً بأنه كان عبداً مؤمناً، ليريك جلالة محل الإيمان، وأنه القصارى من صفات المدح والتعظيم، ويرغبك في تحصيله والازدياد منه.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

المقصود منه بيان أن أعظم الدرجات وأشرف المقامات الإيمان بالله والانقياد لطاعته.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{إنه من عبادنا} أي الذين هم أهل لأن نضيفهم إلى مقام عظمتنا.

{المؤمنين} أي الراسخين في هذا الوصف، المتمكنين فيه، فعلم أن الإيمان هو المراد الأقصى من الإنسان لأنه علل الإنجاء بالإحسان والإحسان بالبيان.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

المقصود بالصفة مدحها نفسها لا مدح موصوفها.

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

ذلك لأن الإيمان أساس لكل خير يوجد، ومركز لدائرته، ومسك خاتمته.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

إن الإيمان أرفع منازل العباد، وأنه مشتمل على جميع شرائع الدين وأصوله وفروعه لأن اللّه مدح به خواص خلقه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أفاد وصفه ب {إنَّه من عِبَادِنَا} أنه ممن استحق هذا الوصف، وقد علمت غير مرة أن وصف (عبد) إذا أضيف إلى ضمير الجلالة أشعر بالتقريب ورفع الدرجة، اقتصر على وصف العباد بالمؤمنين تنويهاً بشأن الإِيمان ليزداد الذين آمنوا إيماناً ويقلع المشركون عن الشرك، وهذه نعمة تاسعة، وأقحم معها من {عبادنا} لتشريفه بتلك الإضافة على نحو ما تقدم آنفاً في قوله تعالى: {إلا عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم} وهذه نعمة عاشرة، وفي هذه القصة عبرة للمشركين بما حلّ بقوم نوح وتسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم وجعل نوح قدوة له، وإيماء إلى أن الله ينصره كما نصر نوحاً على قومه وينجّيه من أذاهم وتنويه بشأن المؤمنين.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

إنّ درجة عبودية نوح لله وإيمانه به إضافةً إلى إحسانه وعمله الصالح الذي ذكرته الآيتان الأخيرتان كانت السبب الرئيسي وراء اللطف الإلهي الذي شمل نوحاً وأنقذه من الغمّ الكبير، وبعث إليه بالسلام، السلام الذي يمكن أن يشمل كلّ من عمل بما عمل به نوح، لأنّ معايير الألطاف الإلهيّة لا تتخلّف، ولا تختّص بشخص دون آخر.